لا يفاجئني كما لا يفاجئ أي مواطن سوري أن يعرب مسؤولون أميركيون بالقول (إن سقوط مدن سورية أو عراقية بيد داعش فذلك لا يقلقنا) لأن ذلك يعبّر بوضوح عن أهم الأهداف التي تريد أميركا أن تحققها من الحلف الدولي الذي شكلته لضرب داعش في سورية والعراق ويبرهن بأنه لا أهمية تذكر لديهم لما يعاني منه الشعب في ظل سيطرة داعش على بعض المدن في كل من العراق وسورية وأن هذا الإرهاب الذي يدّعون أنهم جاؤوا لمحاربته لا يقلقهم ما دام خارج بلدانهم، كما لا يفاجئنا قولهم (المهم أننا سنستمر في ضرب المواقع النفطية)، وهذه خطوة أخرى في كشف أبعاد العمليات الجوية للحلف ضد داعش، وهو بكل تأكيد ليس بهدف نشر الديمقراطية في سورية والعراق وليس بهدف تحقيق الربيع العربي المزعوم، إنما بهدف عدم السماح بأن تكون الثروة النفطية خارجة عن طاعة المارد الأميركي، ولا يفاجئنا أن يتنبّأ هؤلاء المسؤولون الأميركيون (بسقوط عين العرب بيد داعش) لا بل سيكون مثل هذا التنبّؤ أمراً مفهوماً من قبلنا نحن السوريين لأن هذا السقوط –لا قدر الله- ما دام لا يقلقهم باعترافهم وفي الوقت نفسه يدعون أنهم قادمون لمحاربة من سيقوم بالإسقاط، فذلك يعني منطقيّاً أنهم يرغبون في أن تستمر داعش في التقدم والسيطرة على الجغرافيا في كل من سورية والعراق، وقد وجد محللون أن وجود داعش في المنطقة ينصب في مصلحة الغرب الذي يريد أن يغير في بنية الأنظمة والمجتمعات وستتمكن داعش من تحقيق ما لا تستطيع تلك القوى تحقيقه، وهذا يفسر السبب الفعلي للدعم الأميركي للتنظيمات الإرهابية في المنطقة ويذهب محللون للقول بأن وجود الدولة الإسلامية في سورية والعراق سيكون من مصلحة أميركا والغرب أيضاً لأنه سيؤدي إلى صراع طائفي طويل الأمد مع الأخذ بعين الاعتبار بأنه يمكن ترويض تلك الدولة لتقوم بالدور الذي يخدم مصالحهم في المنطقة.
ما من شك أن الوضع في سورية يزداد تعقيداً وخطورة والاحتمالات مفتوحة على نتائج أقلها المزيد من الدمار والمزيد من الأزمات الخانقة لحياة المواطن السوري، وهذا لن يقلق هذا الحلف الدولي الذي آخر ما يمكن أن يهمه أو يعنيه هو حياة المواطن السوري أو أي مواطن عربي، وآخرها الحرب الكبرى التي ستكون نتائجها كارثية، وإنني لأعجب العجب كل العجب لماذا يُراهن هذا الحلف وتُراهن كل القوى الإقليمية والدولية على استمرار إدارة هذه الحرب الكونية على سورية من قبل القيادة السورية بهذه المسؤولية التاريخية والحكمة الدبلوماسية النادرة؟!، ماذا لو قررت القيادة السورية أن تكون حرباً مفتوحة على الجبهة مع إسرائيل؟ ولماذا تفترض تلك القوى أن سورية لن تطلب رسميّاً من الدول التي تربطها معها اتفاقيات دفاع مشترك تنفيذ مضمون تلك الاتفاقيات في حال تعرضت أرضنا لأي هجوم بريّ من أي قوّة كانت؟ وفي مصلحة من أن تندلع حرب طاحنة ومزلزلة في المنطقة والعالم؟ هل وصل العقل السياسي الأوروبي إلى درجة الجنون؟ أم سيبقى النظام السوري هو هاجسهم ومصدر قلقهم الأكبر؟!.
بقلم: مفيد خنسه