دمشق-سانا
قدم الكاتب العراقي طلال الحديثي أربعين كتابا للمكتبة العربية شملت مختلف مناحي الثقافة الأدبية من نقد وترجمة وكتابة في التراث اعتمد المنهج التطبيقي والدقة في الشرح والتحليل كما انه اعتبر أنالثقافة السورية هي في طليعة الثقافة العربية برغم كل المؤامرات.
وقال الحديثي لسانا الثقافية.. كان اهتمامي بالتراث كبيرا لأنه الأقدر على توثيق ذاكرة الأمة ونقل حالة المجتمع وانعكاس البيئة دون تزييف بما تتضمنه هذه الحالة من سلبيات وإيجابيات وبعد أن جئت من العراق إلى سورية عكفت على التراث الشعبي السوري لأنه من أغنى وأنضج الثقافات فهو يحمل كثيرا من حضارة هذه الشعب وتحولاته وتعايشه مع الماضي والحاضر وكيفية رؤيته للمستقبل.
وأضاف الحديثي كتبت كثيرا من كتب النقد عبر مسيرتي الأدبية فتناولت الشعر لأنه الأكثر حضورا بين طبقات المجتمع واشتغلت على نقده بشكل تحليلي ومنهجي حتى أظهر محاسن المواهب الحقيقية والآثار السلبية التي يمكن أن تتركها التداخلات الجديدة باسم الثقافة والشعر كما جاء في كتبي “مقدمة وستة شعراء” وشعرية البساطة وسلال الشعر وحديقة القرنقل وزهرة اللغة.
وتابع كتبت بأكثر من اتجاه شمل التراث والأدب والقصة والرواية وركزت كثيرا على القاموس القرآني لأنه وفر لي المتانة اللغوية وقوة الألفاظ والتعبير اللغوي فالأدب والنقد هما بأمس الحاجة لقدرات واسعة وثقافات شاملة.
ويرى أن ثقافتنا العربية تراجعت كثيرا بسبب الخلل السياسي على الساحة العربية وانتشار الثقافة المبسطة والمبثوثة عبر النت على حساب ثقافة الكتاب والمطالعة الحقيقية.
ولكن الكاتب العراقي يرى أن الثقافة في سورية تفوقت على نظيراتها في البلدان العربية الأخرى نظرا لوعي كتابها ولا سيما القائمين على بعض المفاصل الثقافية فما زالت مجلة المعرفة الصادرة عن وزارة الثقافة تتصدر الدوريات والكتب على مساحة الوطن العربي إضافة إلى مجلة الموقف الأدبي الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب وفضلا عن دوريات التراث العربي والأسبوع الأدبي وغيرها.
ويضيف إن الكتاب السوريين في أغلبهم يقدمون ما لديهم بشكل ممنهج ودقيق عبر ثقافات متنوعة كما أن سورية تصدر من خلال مؤسساتها كما ليس قليلا من الكتب المنوعة والتي تتضمن مواضيع مختلفة وجديرة بالقراءة والاحترام.
وعن رأيه بأدب الأطفال السوري اعتبر أنه أثبت وجوده وتفوق أيضا ونافس الكتب الأخرى وعلى صعيد الدوريات المتخصصة بالأطفال كمجلة أسامة حيث اتسمت الكتابات التي يقدمها الأدباء للأطفال بانتقاءات راقية وثقافات واسعة وأداء وطني رفيع.
وأوضح الحديثي أن سورية برغم الأزمة التي تعصف بها قدمت إمكانات كبيرة على الصعيد الثقافي وظلت أبواب المراكز الثقافية مشرعة منافسة كل المنابر والمؤسسات العربية فاستضافت كثيرا من الأدباء والكتاب وحافظت على مستواها المعرفي وأثبتت وجودها وعكست حضارة الشعب السوري .
وعن تراجع الحضور الجماهيري في المحافل الثقافية ولا سيما الشعر قال الحديثي أن الخلل الذي أصاب الشعر سيد الأجناس الأدبية وصاحب الحماسة العربية حيث تحول إلى كلام عادي يطاله أي شخص ونظرا لأن شجرته مغرية صار يحاول أن يطالها الجميع تسبب في تراجع الجمهور وإحجامه معتبرا أن الشعر اذ لم يمتلك مقوماته وأسسه من الموسيقا الخليلية ومرورا بالصورة وغيرها من الدلالات والإيحاءات والعاطفة فليس جديرا به أن يسمى شعرا.
ولفت الحديثي إلى أن النقد انعكست عليه الحالات المتردية بشكل عام فالأدب الحقيقي يفرض نقدا حقيقيا والعكس صحيح أيضا فالنقاد اكتفوا بالشرح والعرض والمجاملات وهذا أصبح غالبا على كافة الأصعدة وأن ما نقروءه على الصعيد الثقافي بشكل عام ليس ابتكارا عربيا وأغلبه تطبيق لنظريات غربية.
ورغم أن الحديثي مهتم بالتراث الشعبي إلا أنه يعارض كتابة الشعر بالعامية لأن ذلك برأيه تهديد سافر لتطلعاتنا القومية فهو يعبر عن بيئة مجتزأة ولهجة معينة قد لاتفهمها البيئات الأخرى ولا تتمكن من تفسيرها أما اللغة العربية الفصيحة فهي أهم اللغات وأقدسها وهي الأكثر شمولا وهي تعكس قدرة المؤلف على الكتابة.
يذكر أن طلال الحديثي كاتب عراقي من مؤلفاته مراجع في الفلكلور العربي السوري ومن التراث الشعبي في العراق وفي النقد مقدمة وست شعراء وشعرية البساطة وفي اللغة القاموس القرآني للدمغاني تحقيق وشرح وفي الترجمة أغاني النهر للأطفال.
محمد الخضر – ميس العاني