الحظر والعزل و.. الجحيم

منذ بداية الحرب الكونية على سورية يتشارك الأعراب مع المستعربين من المعارضين السوريين في الخارج بالتآمر مع مصدري الربيع إلى الشعوب العربية لتحريرها من أنظمتها التي تمارس استبداداً لا يسمح بدورة الفصول على حدّ زعمهم، وهم يطالبون بفرض منطقة حظر جوي والتفويض بقرار أممي لضرب سورية تحت الفصل السابع ومن ثم فقد عملوا بكل ما يستطيعون لإقامة منطقة عازلة مرة على الحدود مع الأردن ومرة أخرى على الحدود مع تركيا ومرة على الحدود مع لبنان الشقيق وفي الوقت الذي كانوا منشغلين فيه لوضع السيناريو الذي يروق لهم لتفصيل المناخ الربيعي المناسب كانوا يعملون بكل ما يستطيعون لاستقدام الإرهاب إلى سورية ليساعدهم في القضاء على الدولة السورية ونظامها وعندما تأكدوا من صحة المنطق السوري في النظر إلى أن ما حصل ويحصل في سورية على أنه إرهاب منظم وجدوا أن لا مناص من الاعتراف بالخطر الذي بات يهدد أمنهم حتى في قصورهم النفطية المنيفة كما يهدد أمن أسيادهم في بروج المراقبة الأوروبية لانتشار الحرية والديمقراطية في البلدان العربية فكان الحلف الأميركي الدولي الذي استبعدت منه سورية وأكثر البلدان التي ساعدت سورية في حربها على الإرهاب، وبقي أردوغان متردداً في الانضمام إلى هذا الحلف وهو في مأزق إنساني وأخلاقي وسياسي إذ كيف له أن يشارك في حرب من هيّأ لهم كل أسباب الدعم حتى جعل الأرض التركية مستباحة لهم بالتعاون مع حزبه الحاكم، وإذا قبلنا نحن السوريين أن هذا الحلف الدولي يريد أن يحارب ويكافح الإرهاب في سورية فكيف سنطمئن إلى صدقهم في ذلك إذا كانوا رافضين حتى الآن التنسيق مع حكومتنا السورية وهي التي واجهت هذا الإرهاب خلال المدة الطويلة الماضية، ومن يضمن لنا أن المدنيين العزل سيكونون في أمان من قصفهم للإرهاب ما دام الإرهابيون يتخذون من المدنيين دروعاً بشرية، ومن يكفل هذا التحالف بأنه لن يستهدف مواقع عسكرية سورية، ولماذا لا يكون لنا الحق في اعتبار أن محاربة الإرهاب كان الذريعة لأميركا وحلفها لتحقيق ما عجزوا عن تحقيقه عبر مجلس الأمن بسبب الفيتو الروسي والفيتو الصيني.

إن الحديث عن منطقة حظر جوي ينذر بخطر محدق كبير لأن تلك المنطقة ستكون هي المجال الحيوي لإنزال المتمردين والمسلحين الذين درّبوا خارجاً، والمنطقة العازلة التي يسعى أردوغان لفرضها بالتنسيق مع التحالف الدولي هي أشد خطورة بغض النظر عن المبررات المزعومة في ذلك لأن هذه المنطقة ستشكل الجغرافيا الفعلية لتأمين غرفة عمليات لما يسمى المعارضة السورية بقيادة التحالف وهذا ما يحلم به أردوغان لتدخل بري يعيد له أحلام الهيمنة العثمانية ويتمكن من تصفية حساباته مع القضية الكردية في سورية والعراق معاً والقضيتان معاً الحظر الجوي والمنطقة العازلة تؤديان إلى الجحيم في حرب قد تتسع إلى العالمية وفي تقديري خيار الحرب هو أفضل بألف مرة من أن تقبل الحكومة السورية بهما معاً.

بقلم: مفيد خنسه

انظر ايضاً

زمن الجيوش الوطنية

ربما يبقى الوضع في عين العرب على ما هو عليه، مراوحة في المكان إلى أمد …