الشريط الإخباري

من ترامب إلى أردوغان.. سياسة التلون خواء الجعب والإفلاس

بين الفعل السياسي والرؤية الحقيقية لما يجري على الأرض، والتلون الأعمى الذي لايمكن أن يقود إلا إلى حافة الهاوية مهما كان ممارسه بارعاً، بين الحالتين بون واسع وشاسع لايمكن الوقوف عند ملامحه والتنبؤ بما يحمله ويجره من كوارث، ليس على من يقوم به، بل على العالم كله، لاسيما إذا كان الفاعل ذا قوة عمياء باطشة لا ترى ولا تقدر ولا تقرأ وقائع الواقع، ولا ما كان، وما يمكن أن يكون، هذا طرف، وطرف آخر لايملك القوة الباطشة و لكنه أعمى البصر والبصيرة أتقن المزيد من أساليب التضليل والخداع، وكلما انكشف أسلوب يلوذ بآخر، وعلى الرغم من أنه عار من كل شيء لكنه بكل صفاقة مازال يمارس الكذب والرياء.

يظن أردوغان أنه يمكنه كل مرة التنصل من التزام قطعه هنا أو هناك، في لقاءات ومؤتمرات، ولكن طبيعته الإجرامية تفضحه فما يكاد يجف حبر اتفاق ما حتى تعود مجموعاته الإرهابية التي تعمل بإمرته إلى ممارسة المزيد من الإجرام، ولا تقف عند حد معين، بل تضخ بالمزيد من السلاح الفتاك الذي يتم تزويدها به بدعم ورعاية النظام التركي، وما بين العمه هذا، وجنون ترامب الذي يشن حرباً تجارية على العالم كله تبدو حافة الهاوية قريبة جداً، ولايمكن لعاقل أن يقول إنها ليست لعبة الانهيارات الكبرى.

ربما يظن المتلونان، ترامب وأردوغان أن بإمكانهما ضبط إيقاع مسار الحافة، ولكن الإرهاب الذي يمارسانه من القتل إلى التجويع وحصار الدول وعقابها يعني أن الأمر تجاوز الخطوط الحمر كافة، فلايمكن لأي شعب أو أمة أن تبقى تحت رحمة هذا الجنون الذي يعني حرب إبادة للعالم كله.

وسياسة التلون هذه تدل على عقم وخواء وإفلاس ممارسيها، وهي بالوقت نفسه شئنا أم أبينا تؤسس لحالة من الفوضى في العلاقات الدولية، وتدل على انهيار القيم فيما يسمى علاقات بين دول العالم، وبغض النظر عن وجود القانون الدولي وعدم فعاليته على أرض الواقع، لكن هذا لايعني أن ينفلت الأمر إلى درجة الاستباحة بكل القيم والمعايير بغض النظر عما يحكمها أهو الفعل الحضاري والإنساني، أم قوة القانون الدولي (ويشك بهذا).

كلاهما يظن نفسه عبقري اللحظة واقتناص الفرص، ولايرى أبعد من أرنبة أنفه ووقائع الميدان في كل الساحات التي يواجهان بها تدل على ذلك.

بقلم: ديب علي حسن