في درعا… عائلات فرقها الإرهاب يلتئم شملها من جديد

درعا-سانا

وسط أحفادها تجلس أم ابراهيم على أريكة في بهو المنزل حيث التأم شمل العائلة لتطوي سبع سنوات من التهجير اضطرت خلالها الجدة للمغادرة إلى الأردن للنجاة بأولادها وأحفادها من خطر الإرهاب تاركة وراءها بمرارة منزلاً وأرضاً ووطناً عاد ليحتضنها مجدداً.

في دارهم الكبيرة المصممة للأسرة الكبيرة “الجد والجدة والأبناء والأحفاد” بقرية الغارية الشرقية بريف درعا الشرقي تستعيد العائلة العائدة قبل أشهر من الأردن أجواء الاطمئنان تنزع عنها ثوب اللجوء وترتدي زي الكرم والضيافة مشرعة الباب على مصراعيه فلا خوف بعد اليوم.

وكانت الأسرة قبل الحرب تعتمد على الزراعة و ما يرسل من أموال من عمل الأب والأبناء من المغترب وتستعيد أم ابراهيم بعضاً من أيام الخير حيث كانت تقوم بالإشراف على الأرض وزراعتها وتقول في لقاء مع مراسلة سانا: “كان عندنا مزارع عنب وزيتون.. كنت أذهب إلى سوق الهال بالليل ثلاث مرات ولم أكن أحمل حتى الهوية.. كان الأمان يعم البلد”.

وفي نهاية 2012 بدأت رائحة الإرهاب تفوح على مداخل القرية.. مجموعات إرهابية تحمل السلاح تهدد وتتوعد والحياة الآمنة أصبحت من الماضي وكان الزوج والأبناء في الغربة و الأحفاد أمانة لدى الجدة التي قالت بغصة: “عشنا أياماً لم نتوقع أن نصل إليها.. مسلحون بعضهم نعرفهم وأكثرهم لا نعرفهم  ينتشرون بالطرقات والخوف والرعب ملأ المكان” مشيرة إلى أنها قررت الفرار بعائلاتها بحثاً عن الأمان مصطحبة زوجات أبنائها وأطفالهم إلى الأردن .

وتضيف أم ابراهيم: في الأردن “تفرقنا من جديد غادرت لعند زوجي بالكويت تاركة بحرقة أحفادي ورائي بينما أبنائي عادوا إلى الاردن للبقاء إلى جانب زوجاتهم وأبنائهم” تلتفت حولها فيما الجميع يحدق بها “الحمد الله اجتمعنا مجدداً في بيتنا وبلدنا”.

أم ابراهيم التي بدت منشرحة الصدر وهي تستقبلنا مرحبة بابتسامة عريضة دعتنا للجلوس في صدر المنزل ولم تستطع  كبح دموعها في ردها على سؤال مراسلة سانا عن يوم التئام شمل العائلة قبل أربعة اشهر: “بناتي من سبع سنوات لم أرهن” تشهق باكية “أختي توفيت بعد قدومي بيوم واحد”.. تمسح أم ابراهيم دموعها.. تتماسك مجدداً مختصرة معاناتها بالمثل الشعبي “من ليس بالبلد لا له ولا للولد”.. تضم أصابع يدها اليمنى قائلة: “قليل من التراب أحسن من العالم كله.. خبز وزيتون بالبلد أحسن من الولائم خارجه ما يقال بأن السفر أفضل كله كلام فارغ”.

وتعود الابتسامة إلى وجه أم ابراهيم فتندفع بالكلام بينما أحاط بها صغار من أحفادها كباقة أزهار حول جذع شجرة زيتون “الحمد لله .. عاد الأمان للبلد الله يحمي الجيش” تضيف بعد أن تأخذ نفساً عميقا: “كنا نعصر مئة تنكة زيت.. مشروع لـ1600 شجرة زيتون وكرمة قطعوها لم نجد إلا القليل.. الحمد لله بعد ما رجعنا زرعنا قمحاً وعدساً وشعيراً وحمصاً”.

البيت المكون من طابقين والمفتوح على قطعة أرض مسورة بجدار اسمنتي غرست بأشجار الزيتون يمتلئ بالحركة من أطفال بنين وبنات وأمهات يحضن رضعاً.

كانت ريم عروساً عندما بدأت الأوضاع تتدهور بمحيط قرية الغارية الشرقية الناجية من الإرهاب بفضل تمكن وجهاء القرية من احتواء مجموعات صغيرة حاولت العبث بأمنها لكن ذلك لم يخفف من وطأة شعور الناس بالقلق على حياتهم كما تقول ريم زوجة أحد أبناء أم ابراهيم: “كثرت المشاكل.. الناس يتهجمون على بعضهم الكل خائف واضطررنا للخروج”.

في شتاء 2012 حزمت الأسرة أمتعتها وتتذكر ريم يوم خروجهم “لم نكن نعرف ما الذي سيحدث أخذنا القليل من اللباس وسافرنا إلى الأردن واستقرينا بمدينة إربد” وعن سنوات الابتعاد عن درعا تقول: “بالنسبة لنا أهل القرى في درعا لا نستطيع البقاء بعيداً عن بلدنا.. كنا تقريباً نعيش بعزلة”.

وفي نهاية صيف 2018 تلقفت العائلة خبر تحرير الجيش العربي السوري لدرعا من الإرهاب بفرح كبير وبدأت التخطيط لسلوك طريق العودة معززة بالمراسلات مع الأقارب والجيران في القرية والطمأنينة بأن البلدة صارت آمنة وتقول ريم: “كدنا نفقد الأمل بالعودة إلى أن جاءت أخبار انتصار الجيش بدرعا وكانت بالنسبة لنا فرحة لا توصف كنا نتابع الأخبار بلهفة كأننا نعيش بالبلدة وعاد الأمل يولد من جديد ورجعنا في 5 تشرين الثاني 2018 عبر معبر نصيب ودخلنا بكل بساطة”.

عادت ريم إلى قريتها وبرفقتها ثلاث بنات أنجبتهن في الأردن و بحسب قولها: “لا تعادل فرحتها بوصولها منزلها عش الزوجية إلا سعادتها عندما زفت عروساً” مضيفة: “الشيء الغريب عدنا والخوف داخلنا وعندما وصلنا وجدنا الأمور طبيعية وكأن شيئاً لم يكن”.

في الخارج يعود لفناء الدار صخب الضيوف وأحاديثهم  ويستقبل أبو ابراهيم الزائرين القادمين من خارج البلدة وتدور أكواب الشاي حيث يطيب ارتشافها بالجلوس تحت شجرة الزيتون مع شمس آذار الدافئة.

شهيدي عجيب

تابعوا آخر الأخبار عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط:

https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency

تابعونا عبر تطبيق واتس أب:

عبر إرسال كلمة اشتراك على الرقم  0940777186 بعد تخزينه باسم سانا أو (SANA).

تابعوا صفحتنا على موقع (VK) للتواصل الاجتماعي على الرابط:

http://vk.com/syrianarabnewsagency

انظر ايضاً

استمرار عودة عائلات سورية مهجرة من الأردن عبر معبر نصيب الحدودي