باريس-سانا
مع اتساع نطاق الاحتجاجات الشعبية المطالبة بنتحي الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون بسبب سياساته الفاشلة التي أدت إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة أقر البرلمان الفرنسي الذي يهيمن عليه الحزب الحاكم مشروع قانون يمنح
حكام المناطق والإدارات المحلية صلاحيات حظر التظاهر في محاولة جديدة لقمع احتجاجات الفرنسيين المطالبين بحقوقهم.
القانون أثار انتقادات وتحذيرات واسعة من عواقبه ومخاطره على “الحريات المدنية” التي لطالما تغنى بها ماكرون ليأتي التشريع الجديد مؤشرا على عدم اكتراث الأخير وحزبه بحقوق الفرنسيين ومطالبهم وسعيا لتقويض هذه المبادئ بشكل واسع.
إقرار القانون جاء محاولة من ماكرون وطاقمه الحاكم للخروج من بوتقة الضغط الشعبي المتزايد الذي بات يثقل كاهله مع تواصل الحركة الاحتجاجية الشعبية المناهضة له والتي تقودها حركة السترات الصفراء واتساع نطاقها ومطالبتها بتنحيته ووصولها إلى مختلف فئات الشعب بمن فيهم طلاب المدارس والنقابات العمالية التي أعلنت هي وأحزاب فرنسية إضرابا وطنيا عاما لمدة أربع وعشرين ساعة وتظاهرت مجددا اليوم في شوارع باريس ومدن أخرى للتنديد بإجراءات الحكومة الاقتصادية واستمرار تجاهلها لأوضاعهم المعيشية وعدم استجابتها لمطالبهم.
ووفق وكالة الصحافة الفرنسية فإن اغلبية من حزب ماكرون “الجمهورية إلى الأمام” وحلفائه صوتت لتمرير مشروع القانون المقوض لحريات التظاهر في حين رفضته المعارضة اليسارية وأحزاب اليمين المتطرف حيث أيده 387 نائبا مقابل معارضة 92.
ويطالب محتجو حركة السترات الصفراء في مختلف المدن الفرنسية بزيادة الرواتب ورفع الأجور وتحسين الأوضاع المعيشية في البلاد عموما حيث تؤكد البيانات الاقتصادية اتساع نطاق البطالة في البلاد كما تفيد الأرقام بوقوع نحو خمسة ملايين فرنسي “تحت خط الفقر”.
القانون الذي أقر لاقى حالة من الرفض حيث وصفه محامون فرنسيون بارزون بأنه “قانون الخوف” وبأنه يشكل ردا من سلطة تعمل تحت ضغط الاحتجاج الشعبي بعد خروج المظاهرات عن السيطرة ولجوء السلطات إلى أساليب القمع المختلفة لمواجهتها ووقفها.
ويوسع القانون الجديد صلاحيات الشرطة لقمع المحتجين والتعامل معهم بمختلف أساليب العنف حيث تواصل الشرطة الفرنسية استخدام القوة لقمع الاحتجاجات الشعبية الواسعة التي دخلت أسبوعها الحادي عشر.
ويفرض القانون المثير للانتقادات عقوبات بالسجن تصل حتى ستة أشهر وفرض غرامات مالية باهظة بحق المتظاهرين ويتيح للإدارات الفرنسية المحلية صلاحية تطبيقها لمنع التظاهر في مناطقها كما يمنح الشرطة صلاحية إجراء عمليات تفتيش واسعة في صفوف الفرنسيين وبطلب من المدعي العام.
وكما هو متوقع دافع وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير عن القانون رافضا اعتباره قانونا “للخوف” ووصفه بأنه “قانون منطقي”.
ومن المقرر أن يرفع القانون من جديد إلى مجلس الشيوخ في الـ 12 من آذار المقبل لقراءة ثانية في مسعى لإقراره بشكل نهائي وسريع لقمع المظاهرات الاحتجاجية المتواصلة.
وشهدت فرنسا يوم السبت الماضي وللأسبوع الحادي عشر على التوالي احتجاجات شعبية للمطالبة بتنحي ماكرون وتنديدا بسياساته التي أدت إلى ارتفاع تكاليف المعيشة وزيادة معدلات الفقر والبطالة.