اجتماع إيطالي من أجل سورية

في الغرب يتعاظم باستمرار دور المجتمع المدني ويزداد تأثيره على المواقف الحكومية لكننا نحن ما زلنا نحمل عقدة «التمثيل» حيث نظن أن الشعوب يمثلها دولها فقط وأن التعامل يجب أن يتم عبر المؤسسات الرسمية لهذه الدول، المجتمع المدني السوري –بما فيه الأحزاب السياسية لأنها مجتمع مدني أيضاً- مطالب بالتحرك ومتابعة التواصل مع شعوب أوروبا ورأيهم العام وإعلامهم وأحزابهم، مع التأكيد على أن الوطنية ينبغي أن تكون المعيار المطلق لأي تكوين مدني.

شارَكْتُ قبل أيام في اجتماع في إيطاليا حول الأزمة في سورية وتطورات الشرق الأوسط، نظمته مجموعة الصداقة الإيطالية – السورية والمركز الإعلامي العربي – الإيطالي وجمعية العلاقات العامة السورية.

والمشاركون كانوا من رجال الإعلام المتخصصين بسورية والشرق الأوسط ومن النواب وأعضاء مجلس الشيوخ وعدد كبير من المهتمين..

وأهم ما في الأمر أن وزارة الخارجية الإيطالية رعت الاجتماع بشكل غير مباشر ووافقت على مشاركتي باعتباري وزيراً وسفيراً سابقاً، أي بصفة شبه رسمية مع معرفة القيادة السورية بالموضوع..

ربما كان هذا أول اختراق «للمحرمات» يشير إلى وعي إيطالي جديد وشعور بأنهم كانوا مادة لتضليل كبير من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا حول حقيقة ما يحدث في سورية وفي المنطقة عموماً.

أدهشني –وأنا أنقل الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة- هذا التعاطف الدافيء مع سورية، وإعجابهم بالرئيس بشار الأسد وثباته وصلابته معتبرين إياه الرمز الأول –وربما الوحيد كشخص- في مواجهة الإرهاب العالمي.

لم أبذل جهداً لأقنعهم بحقيقة ما يحدث في سورية لأنهم كانوا على معرفة كاملة يرافقها شعور ليس بالذنب تجاه سورية فحسب وإنما بالأسى لأنهم كانوا ضحية خدعة كبيرة صدقوها في البداية..

سمعت في الندوة تأكيداً على أن الرأي العام غاضب على حكومته التي –كما قال أحدهم- مجرد عبد مطيع للثلاثي العدواني فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة؟
إعلامي إيطالي بارز تحدث للاجتماع عبر السكايب من سورية مباشرة حول القامشلي وعين العرب وحلب فقال كشاهد عيان: إن السوريين العاديين يقاتلون «داعش» وأخواتها بعزم مدهش، وقال: إن السوريين انتخبوا رئيسهم بحضور مراقبين أجانب، وأن ما ناله الرئيس الأسد من أصوات شعبه نسبة لا يحلم بالوصول إليها أي زعيم في الغرب.

وأهم ما قاله شاهد العيان الإيطالي هذا أنه على الأرض السورية لا يوجد شيء اسمه «مسلحون معتدلون»، يوجد أسوأ أنواع الإرهابيين في العالم حسب تعبيره، وركزت الطروحات كلها على ضرورة دعم السوريين وقيادتهم في التصدي للإرهاب، وأهمية المتابعة في هذا الطريق، والضغط القوي على الحكومة الإيطالية كي تنظر إلى مصالحها قبل أن تراعي التطلعات الاستعمارية الجديدة لثلاثي باريس- لندن- واشنطن.

بقلم: مهدي دخل الله