القدس المحتلة-سانا
تتسارع يوما بعد آخر وتيرة الإجراءات الإرهابية التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي الرامية إلى تهويد مدينة القدس العربية المحتلة وتغيير معالمها التاريخية وبنيتها الديمغرافية بخطوات إرهابية في ظل تواطؤ دولي فاضح وخذلان عربي مكشوف.
وفي محاولة من سلطات الاحتلال لاستغلال الظروف الدولية والأوضاع التي تمر بها المنطقة سواء من خلال الحشد الذي تقوده الولايات المتحدة تحت مسمى التحالف الدولي لمواجهة الإرهاب أو عبر إشغال بعض دول المنطقة كسورية والعراق ومصر بمواجهة الأخطار التي تمثلها المجموعات والتنظيمات الإرهابية تتوالى فصول الاستيلاء على الأراضي والممتلكات الفلسطينية في المدينة المقدسة وتتلاحق عمليات المصادرة والتضييق على المقدسيين الفلسطينيين لتهجيرهم من مدينتهم وتكريس احتلالها والتمهيد للاستيلاء عليها بشكل كامل في محاولة لتهويدها وجعلها عاصمة لكيان الاحتلال.
وفي سياق الترهيب الصهيوني المتعمد والمتسارع جاءت عملية استيلاء مستوطنين اسرائيليين ومن بينهم مجموعة من جمعية العادالمتطرفة وبحماية من قوات وشرطة الاحتلال بعد منتصف ليلة أول أمس على عشرة أبنية وشقق سكنية منفردة تضم بمجموعها 23 شقة سكنية في حي وادي حلوة ببلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك بزعم ملكية المستوطنين لها.
وسبق عملية الاستيلاء بيوم قيام سلطات الاحتلال بالاعتداء على الأراضى والممتلكات الوقفية الإسلامية بمدينة القدس المحتلة حيث اعتدت على مقابر إسلامية وحطمت شواهدها فى وقت استحدثت مقابر وهمية لها فى المدينة كما جرى في المقبرة اليوسفية ومقبرة مأمن الله من خلال العمل على زرع قبور وهمية بهدف إيهام العالم أنها مقبرة يهودية بينما هي أرض وقفية فلسطينية وذلك طمعاً بضم أراضيها والاستيلاء عليها.
وبحسب متابعين ومراقبين فإن وتيرة المحاولات الاسرائيلية للاستيلاء على أراضي وممتلكات الفلسطينيين في القدس المحتلة تسارعت خلال الشهرين الماضيين بشكل ملفت حيث أشارت تقارير إلى أن سلطات الاحتلال صدقت نهاية شهر آب الماضي على بناء 172 وحدة استيطانية في القدس المحتلة إضافة إلى مشروع لبناء مدرسة دينية يهودية مكونة من تسعة طوابق في قلب حي الشيخ جراح في المدينة.
وتلا ذلك التصديق على بناء 184 وحدة استيطانية جديدة في مستعمرتي هارحوما وبسغات زئيف على أن يبدأ الشروع في أعمال البناء خلال الأشهر القليلة المقبلة إضافة إلى بناء 708 وحدات استيطانية في المنطقة الغربية من مستوطنة جيلو ضمن المخطط الإستيطاني الذي تطلق عليه حكومة الاحتلال اسم المنحدرات الغربية الجنوبية للمستوطنة والذي سيعمل على توسيعها باتجاه قرية الولجة الفلسطينية وأراضي مدينة بيت جالا على مساحة تقدر ب228 دونما من الأراضي المصادرة.
ومع بداية شهر أيلول الماضي صدقت حكومة الاحتلال على إقامة مشروع ما يسمى الحديقة الوطنية التي سيصادر بموجبها قرابة 700 دونم من أراضي قريتي العيساوية والطور في القدس المحتلة وهو الأمر الذي اعتبره العديد من الحقوقيين تعميقاً لسيطرة ونفوذ الاحتلال على المدينة المقدسة وتغيير طابع المنطقة
وهويتها الفلسطينية إضافة إلى تعزيز الاستيطان عبر خلق امتداد جغرافي بين المستوطنات.
ولم تمض أيام حتى أعطت بلدية الاحتلال في القدس الضوء الأخضر المبدئي لبناء 2200 وحدة استيطانية في حي الصواري بالمدينة المحتلة وهو ما نبهت إليه جهات فلسطينية عدة لكونه يهدف إلى ترسيخ الاحتلال الإسرائيلي على القدس وأحيائها.
وليس بعيداً عن الاستيطان وعمليات التهويد أن تشكل الممارسات القمعية والاعتقال وهدم المنازل جزءاً من السياسات الممنهجة التي تتبعها سلطات الاحتلال لإجبار الفلسطينيين على ترك المدينة المقدسة تسهيلاً للاستيلاء عليها.
وفي هذا السياق قالت تقارير حقوقية إن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت في الشهرين الأخيرين نحو 760 فلسطينيا من مدينة القدس المحتلة بينهم 260 طفلاً دون سن الثامنة عشرة وبين الأطفال العشرات دون سن الثانية عشرة.
كما هدمت قوات الاحتلال العديد من منازل المقدسيين وفق الحجة المعهودة والمسماة بالبناء دون ترخيص في وقت تسمح للمستوطنين ببناء وحدات استيطانية في مختلف أحياء المدينة المحتلة.
وتشكل عمليات استهداف المسجد الأقصى المبارك المتكررة من قبل سلطات الاحتلال ومستوطنيها سواء عبر الاقتحامات اليومية أو منع الفلسطينيين من دخول الحرم والبدء بتنفيذ مخططات التقسيم الزماني والمكاني للحرم الوجه الأبرز لمحاولات الاحتلال تغيير معالم مدينة القدس وفرض واقع جديد فيها ومحو تاريخها العربي والإسلامي.
كل ذلك يجري وسط تواطؤ دولي مفضوح حيث تواصل الولايات المتحدة والدول الغربية تغطية جرائم الاحتلال الاسرائيلي ومحاولاته لتهويد المدينة المقدسة على الرغم من مخالفة ذلك لكل قرارات مجلس الأمن والشرعية الدولية والتي اعتبرت القدس الشرقية منطقة محتلة ولم تعترف بشرعية الاستيلاء عليها.
كما يتم ذلك أيضا وسط خذلان عربي حيث تنشغل مشيخات وممالك الخليج وما يسمى الجامعة العربية بدعم الإرهاب والإرهابيين في سورية والعراق ومصر وغيرها من الدول بينما تترك الفلسطينيين بإمكاناتهم المحدودة يواجهون الاحتلال الاسرائيلي ومخططاته الرامية إلى الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وطرد أهلها منها وهو الأمر الذي يدفع الفلسطينيين إلى زيادة التشبث بأرضهم والتمسك بمقاومتهم كطريق وحيد لاستعادة حقوقهم المسلوبة.