«واشنطن، وحبال الهواء» بقلم عبد الرحيم أحمد

عادة التخلي عن الحلفاء وحتى قتلهم، عادة أمريكية بامتياز. ليس تجنياً ولا اتهاماً، فالشواهد التي يغص بها التاريخ البعيد والقريب لم يدوِّنها كتّاب عرب، ولم تصورها كاميرات الروس، وإنما رصدها كتّابٌ أمريكيون ووثقتها عدساتهم.

ولعلَّ التذكير بمصير الفيتناميين من حلفاء وأدوات واشنطن إبان الحرب الفيتنامية، ومشهد بعضهم يحاول التعلُّق بآخر مروحية أمريكية تغادر مقر السفارة الأمريكية في سايغون، ورفض الجنود الأمريكيين اصطحابهم، أمر مطلوب اليوم في بلدنا حيث يعوّل البعضُ على دعم أمريكي هو أقرب إلى التعلّق بحبال الهواء.‏

وإذا ما أردنا أن تكون الصورة أوضح فلنقرِّب العدسة إلى جوارنا القريب حيث جرّت الولايات المتحدة أذيال الهزيمة من العراق بعد تسع سنوات من الاحتلال، وتخلّت عن أدواتها الذين ركبت ظهورهم للوصول إلى قلب بغداد، بل وأبعدتهم قسراً عن العراق بعد انتهاء مهمتهم، وإذا ما حاولنا التذكير بالشخصيات العراقية التي لمعت أسماؤها في الإعلام الغربي قبيل وإبان الغزو الأمريكي للعراق لاستطعنا أن نحصي المئات ليس من بينها مسؤول في العراق اليوم!!‏

الولايات المتحدة تعيد استخدام الأسلوب نفسه في سورية، فبعد أن ركبت ظهور مجموعات سورية للأسف، ودخلت عبرهم تحت ستار مواجهة الإرهاب إلى مناطق شمال شرق سورية، تعلن إدارتها تشكيل ميليشيا مسلحة تدرّبها وتسلّحها وتديرها، وهي إذ تعلن، تكشف أفعالاً.‏

صحيح أن التصريحات الأمريكية حول وجودها العسكري، وما تسميه «الدبلوماسي» أحياناً شمال شرق نهر الفرات في محافظات الرقة ودير الزور والحسكة، قد تدفع بعض السوريين المعوِّلين على واشنطن للشعور بالنشوة وفائض قوةٍ لا يملكونه أصلاً، لكن في النهاية سيشكل موقف واشنطن صدمة لهؤلاء عندما تحين لحظة الهروب، ألم يفعلها الأمريكي في فيتنام والعراق ولبنان والصومال؟؟!‏

هؤلاء السوريون سيجدون أنفسهم غداً أو بعده في مواجهة جيش بلادهم الوطني، كما حال الفيتناميين قبل عقود، وفي تلك اللحظة لن يجدوا الأمريكي ولا دعمه، فهو يرسم لتحقيق لحظة الاشتباك هذه، وبعدها تهدر محركات الطائرات حاملة الجنود الأمريكيين ومعهم كل الأحلام والأوهام التي زرعوها في أذهان أولئك السوريين.‏

وقصة الاستفتاء على الانفصال الذي أُجري في شمال العراق نتيجة فائض القوة الوهمية التي حقنها الأمريكي بمن نظّموا الاستفتاء لا تزال قريبة، وتداعياتها ماثلة ليس على الولايات المتحدة وإسرائيل بل على أبناء العراق ذاتهم، فهل نتعلم من تجارب بيع الأوهام تلك أم نقع في الفخ ذاته؟‏

لن يكون للأمريكي مستقبل في بلادنا، ولن تكون هناك حماية لسوري إلا حماية جيشه الوطني، ولا مستقبل لسوري إلا مع أبناء وطنه من شماله إلى جنوبه، ومن غربه إلى شرقه. فلا تثقوا بأمريكا ولا تتعلقوا بحبال الهواء التي تلقيها عليكم.‏

صحيفة الثورة

انظر ايضاً

رئيس هيئة المنافذ البرية والبحرية وممثل الخارجية يلتقيان وفداً أردنياً

دمشق-سانا التقى رئيس هيئة المنافذ البرية والبحرية قتيبة البدوي وممثل الخارجية محسن مهباش مع وفد …