اللاذقية-سانا
يعتبر التراث الشعبي “اللامادي” أحد مكونات الهوية الوطنية وسمة من سمات أصالتها وحمايته مسؤولية الجميع.
ويشير المهندس ابراهيم خير بك مدير آثار اللاذقية إلى أن التراث الشعبي هو الثروة التي ورثناها من أبائنا وعلينا تسليمها للأبناء سليمة محصنة من كل أذى سواء كانت تراثا ماديا كالفنون المعمارية والأوابد التاريخية أو غير مادية كالإرث الثقافي من الشعر والغناء والاحتفالات والأزياء والحرف التقليدية.
ويقول خير بك: “انتبهت الأمم الراقية للتراث الشعبي وصانته ووثقته وأغنت حاضرها به واعتبرت التراث المادي واللامادي كالارتباط بين الروح والجسد هذا التراث هو حبل التواصل بين الأجيال والامتداد الفكري والثقافي فيما بينها فعلينا إذا ألا نقطع حبل التاريخ بين الماضي والحاضر”.
ورأى “أننا بحاجة لتطبيق استراتيجية حفظ وصون التراث اللامادي وفق معايير الاتفاقات الدولية ذات الصلة والتي وقعت عليها سورية عام 2003 وهي استراتيجية تهدف لحماية تراثنا اللامادي وتنبع من الغيرة عليه والحرص على بقائه حيا بشقيه المعنوي والمادي وأن يبقى حيا في الذاكرة والوجدان كأحد مكونات الهوية الوطنية وسمة من سمات أصالتها وتميزها وحيا في تطوره المضطرد وعدم انغلاقه كي لا يبقى أسير قوالب جامدة تصبح مع الوقت مملة وبالية تجافي الذائقة ولا تلبي احتياجات العصر”.
وتابع: “هناك الآلاف من العناصر التي نشأت في الحضارات السورية المتعاقبة من حكايات شعبية وأغاني وموشحات وعادات وتقاليد مرتبطة بالزمان وبالمكان وبالتجمعات البشرية في أمكنة وأزمنة مختلفة وعدد لا متناهي من العناصر اللامادية المرتبطة ارتباطا وثيقا بتراثنا وهويتنا ومن واجبنا صونها وتحديدها ودراستها والتفاعل مع المتعاملين معها من أهلها ومن أصحاب المهن ومن الأدباء والمفكرين والمجتمع المحلي”.
وأكد مدير الآثار أننا بحاجة اليوم إلى مشروع نبدأ به الطريق مهما كان طويلا وخاصة مع اعتماد هيكلية ومنهجية علمية لحصر هذه العناصر وتوثيقها.
بدورها بينت المهندسة سميا نصور رئيسة شعبة التراث الشعبي في دائرة آثار اللاذقية أنه تم تشكيل فريق عمل من المهندسين من دائرة آثار اللاذقية للمحافظة على التراث الشعبي وذلك لضرورة حماية القطع التراثية من الاندثار والضياع عن طريق توثيق وأرشفة الأدوات التراثية في المركز الثقافي في عين البيضا وتتم الأرشفة حاليا وفق معايير متحفية معتمدة عالميا مع مراعاة الخصوصية المطلوبة.
وحول اختيار المركز الثقافي في قرية عين البيضا أوضحت نصور أن المركز يحوي متحفا للباحث في التراث الشعبي برهان حيدر ويعتبر محطة من محطات التراث والتاريخ في بقعة جغرافية سياحية جميلة حيث يعرفنا المتحف على أشياء كثيرة وثيقة الصلة بالتراث والتي تجهلها الأجيال المعاصرة بالإضافة إلى الكثير من الأدوات التي استخدمها إنسان هذه المنطقة وبذلك نتلمس أسلوب تفكيره وكيف كان الإنسان يتدبر أموره فالحاجة أم الاختراع.
وأضافت أن المركز يقيم مهرجانا سنويا للتراث في عين البيضا ويتم أثناءه عرض بعض الحرف التقليدية مثل حل الحرير من شرانق الحرير تطريز المناديل الحريرية تقشيش الصواني صنع الملاعق الخشبية جرش البرغل إضافة لإحياء بعض الألعاب الشعبية مثل لعبة “المنقلة” وكذلك تم عرض كيفية درس القمح باستخدام النورج الذي يجره حيوان.
وأكدت رئيسة شعبة التراث الشعبي أن حماية التراث وصونه يبدأ من التوثيق بشكل منهجي وسليم وفق خطوات متعددة أهمها تصنيف القطع التراثية حسب وظيفتها ومحاولة وضعها ضمن مجموعات بغية استكمال القطع الناقصة من المجموعة فيما بعد عن طريق الشراء أو الهدايا المقدمة من المواطنين بالاضافة إلى توثيق القطع التراثية وفق النموذج المرفق للبطاقة المتحفية المعتمدة في المتاحف في القطر العربي السوري ومعالجة بعض الصعوبات التي ترد أثناء التصنيف والتوثيق عموما ودراسة فكرة إعادة العرض المتحفي وفقا للمعايير المعتمدة عالميا مع مراعاة الخصوصية المطلوبة.