من سورية إلى غزة

شكّل العدوان الإسرائيلي الحالي على غزّة الحلقة الأخيرة من حلقات ما سمي «الربيع العربي»، وكان هذا العدوان بما أعدّ له من قوة وعملاء عرب وإقليميين محاولة جادة من الغرب الاستعماري و«إسرائيل» وتركيا وقطر للقضاء نهائياً على المقاومة أو على الأقل ترويضها، وفتح الطريق أمام أهل غزة بشكل أو بآخر نحو سيناء بانتظار تفريغها نهائياً من مواطنيها وإراحة الاحتلال الإسرائيلي بشكل نهائي.

وفي هذا السياق يمكن القول والتأكيد أن هذه الحرب الإرهابية على سورية، التي شارك فيها كل أطراف العدوان على غزة، جاءت مقدمة للعدوان على غزة، وأعدّ لها من الأموال وأدوات القتل والتدمير والحرق والعملاء ما لا يخطر على بال، انطلاقاً من حقيقة أن القضاء على الدولة السورية يعني القضاء على المقاومة اللبنانية والفلسطينية.

لذلك كان هذا الهجوم الإرهابي غير المسبوق في التاريخ على سورية، وكان فتح خزائن الأموال السعودية والقطرية ومخازن الأسلحة الغربية والإسرائيلية للمجموعات الإرهابية في سورية، هذه المجموعات التي اُستقدمت من أنحاء العالم، ودُربت وسُلحت وزُودت بفائض من الأموال، ودُفعت إلى سورية عبر الحدود التركية والأردنية واللبنانية.

ولذلك أيضاً كان الرهان في البداية على إمكانية «إسقاط الدولة السورية» خلال أسابيع، وهو ما قاله الأمريكيون والفرنسيون علانية، وبنوا خططهم على هذا الأساس.

ولكن وبعد أن تأكدوا من حتمية خسارة حربهم الإرهابية على سورية، سارعوا إلى البدء بالعدوان المعدّ مسبقاً على غزة في محاولة للاستفادة من الوقت ومن انشغال سورية بالحرب الإرهابية عليها.

وقد أفصح عن بعض هذه الحقائق أكثر من مسؤول عربي وإسرائيلي، وربما ما دونته الوزيرة كلينتون في مذكراتها يكفي ويزيد للتدليل على ذلك.
وعليه سيكتب المؤرخون أن السعودية وقطر وتركيا و«إسرائيل» شاركت في قتل أهل غزة، كما شاركت في قتل أهل سورية، والتاريخ يدوّن، أما الشعوب فلا يمكن أن تسامح.

بقلم: عز الدين الدرويش