دمشق-سانا
ثلاث ساعات ونصف الساعة تابع عبرها الجمهور بحماس كبير عرض الفنان أسامة غنم الذي جاء تحت عنوان زجاج اقتبسه عن مسرحية مجموعة الحيوانات الزجاجية للكاتب تينسي وليامز حيث يأتي هذا العرض كخلاصة تدريبات طويلة على نص الكاتب الأمريكي وفق مقاربة بين حقبة ما عرف بـ الكساد الكبير وما بين الأزمة في سورية مستخدما أسلوبية المسرح الواقعي الذي وضع له وليامز العديد من النصوص المسرحية كان أشهرها عربة ترام اسمها الرغبة وقطة على صفيح ساخن.
ويروي العرض الذي افتتح أمس على خشبة فواز الساجر في المعهد العالي للفنون المسرحية قصة أسرة سورية تعيش مفارقات عديدة بين الواقع والأحلام
التي كانت تنشدها لتكون وجهاً لوجه مع مجابهة شبه يومية مع هذا الواقع الذي تتوضح آثاره على كل من الأم وابنيها ديمة ويوسف اللذين ربتهما بعد أن سافر الأب إلى أوروبا ولم يعد.. مكابدةً بذلك عبء تربيتهما والعناية بهما في أقسى الظروف المعيشية التي دفعت بها للعمل كطاهية عند العائلات الميسورة إلى جانب عملها الوظيفي.
وينتقد العرض الصورة المثالية المعممة عن الحياة مبرراً ذلك بالدخول إلى عوالم الشخصيات الأربعة في المسرحية التي أنتجها كل من مؤسسة مواطنون فنانون بالتعاون مع صندوق آفاق والمعهد العالي للفنون المسرحية حيث برز أداء الممثلين في هذا العرض بعد سبعة أشهر من البروفات المتواصلة ليكون الجمهور أمام ما يشبه ملحمة من يوميات أسرة سورية تعيش رغم كل الصعوبات محتفية بثقافة الحياة وأسبابها على الرغم من ضيق الحال والحيلة.
ولعب كل من الممثلين سوسن أبو عفار ونانسي الخوري وكنان حميدان وجابر الجوخدار أدوارهم بحيوية بالغة قاربت الكوميديا السوداء في بعض المواضع من المسرحية مستفيدين من قوة النص الذي اقتبسه المخرج أسامة غنم وعمل عليه جنباً إلى جنب مع الدراماتورج يزن داهوك والمخرج المساعد ديما أباظة للوصول إلى صيغة من فرجة حارة ولافتة على مستوى الأداء الجماعي والغوص في العالم الداخلي للشخصيات وطريقة بنائها في المقترح المسرحي الجديد.
وتمكن مخرج العرض من تحقيق توازن فني بين النسخة الأجنبية من العرض والنسخة السورية ملبياً سياقات اجتماعية وثقافية وفنية اعتمد فيها على واقعية الديكور والإضاءة وقطع الإكسسوار منجزاً المناظر السبعة من الحيوانات الزجاجية بعيداً عن الصيغ المتفاصحة على الجمهور بالتركيز أكثر فأكثر على إعداد لافت للحوارات المنقولة وطبيعة الصراعات التي تحياها الشخصيات على الخشبة.
يذكر أن العرض مستمر حتى الثالث من شهر كانون الأول الجاري الساعة الرابعة والنصف عصراً على مسرح فواز الساجر في المعهد العالي للفنون المسرحية وهو من إشراف مختبر دمشق المسرحي الذي يشرف عليه الفنان أسامة غنم منذ عدة سنوات وصمم ملصق العرض الفنان يوسف عبدلكي.