دمشق-سانا
الأديبة انتصار سليمان شاعرة وكاتبة حققت عبر مسيرتها حضورا على الساحة الثقافية سوريا وعربيا وترجمت أعمالها إلى العديد من اللغات كالفرنسية والإنكليزية والتركية والروسية.
وفي حديث لـ سانا الثقافية عرفت سليمان الشعر بأنه تلك المساحة المتاحة لنا بالدخول إلى ذواتنا لاستخراج المسكوت عنه بكل ما يحمله من حب وغضب وأمل ويقين وهو تلك الأسئلة التي تجترحها الروح فينطق بها القلم إلى أقصى مساحة الحلم.
وأضافت سليمان إن الشعر قديما كتب موزونا قياسا على بحور القديم فمنه ما يذكرنا بوقع خطا الخيل فسمي لأجله بحر الخبب وهذا كان يتلاءم مع البيئة والمجتمع الذي كان يعيش فيه.
وبرأي مؤلفة مجموعة “فاتك انتظاري” فإننا اليوم لا ننفصل عن واقعنا المعيش والتأثر بالمحيط فتأتي أنماط شعرنا متأثرة بما ينعكس عليها من أصوات وتحولات وترجمات فيمكن أن تحل الصورة بدلا من الضوابط ويمكن أن تأتي الدلالة بأجمل مما تأتي به الموسيقا.
ورغم ذلك فإن سليمان تنظر إلى الموسيقا و الشعر الموزون كشعر جميل بل يمكن أن يقوم بذات الدور الذي كان يقوم به في عهدنا القديم دون ان يكون ذلك حكرا عليه مضيفة اخترت النمط الشعري الحديث لمواكبة الحركة الثقافية العالمية تأثرا بالثقافات والمتغيرات وما يجب أن نأتي به حتى نكون فاعلين في عالمنا.
وتضع أديبتنا للموهبة موقعا أساسيا في الشعر والرواية والقصة والموسيقا مع ضرورة دعمها بالقراءات وإغنائها بالموسيقا واللون والترحال وإن لم نفعل سوف يجف ينبوع الابداع ويبقى يدور حول عدد بسيط من المفردات.
وتابعت سليمان تمكن الشعر الحديث من إثبات وجوده على الساحة الثقافية العربية والعالمية فمنه ما جاء على شكل قصة شعرية غنية بالمفردات والصور والعواطف والدفق الدلالي كما هو عند محمد الماغوط وسنية صالح وصالح الحسين وغير أولئك من الشعراء الذين تمكنوا من الانتشار عبر العالم وهناك من أغرق في الرمز والاستعارات الدلالية مثل أدونيس وشعراء عرب كثر.
وتحذر مؤلفة رواية “البرق وقمصان النوم” من آثار انتشار الفيسبوك كوسيلة لنشر الشعر ونقده ما يحتاج إلى صحوة ثقافية تأتي إلينا بنقد يحترم الثقافة ويعتمد على روءى شعرية صحيحة ذات أسس بنيوية وفنية تدل على موهبة صاحبها.
ولفتت الشاعرة سليمان إلى أنه لا يوجد فرق بين نمط وآخر وهناك قصيدة عمودية مازالت صامدة وقادرة على إيصال الشاعر لنا برغم أن عدد كتابها بات قليلا لصالح قصيدة التفعيلة التي كثر كتابها وأخذت حيزا كبيرا في ذاكرتنا وفي ثقافتنا.
أما عن قصيدة النثر بحسب سليمان فكثر كتابها بشكل عشوائي مع القليل من الشاعرية المضمرة بالقصيدة لأن الشعر صرخة وجدان حي تنطلق من ينابيع عذبة وصافية ونقية لتصل إلى الآخر المتلقي الشريك لنا بأحاسيسنا ومشاعرنا بالمطلق فعندما تصل تلك الصرخة أو الدمعة أو الفرحة نقول هذا هو الشعر الذي لا يحتمل التسويف ولا الإطالة ولا السرد.
واشارت سليمان إلى أنه مع ثورة الاتصال وسرعة التواصل عبر المواقع الاجتماعية وجدنا هذا الكم الهائل من “الثرثرات” التي لا تمت لأي نمط إبداعي بصلة فهي لعنة الشعر والأدب الممنهجة للعولمة التي تخترق بيوتنا بسرعة ولا يمكن إيقافها وعلينا ان ندرك أهمية الاطلاع الثقافي والتعمق بالمعرفة لأن النتيجة ستكون للأدب الحقيقي حتى وإن تأخر زمنا طويلا لفرز الغث عن الثمين.
وختمت سليمان حديثها بالقول على جيل الشباب أن يتحمل الأمانة وأن يقوم باحترام موقفه وكلمته فيلتزم بما هو واجب عليه تجاه ثقافته الوطنية فيتعمد بماء الروح بعد أن يلم بكثير مما هو حوله أو بعيد عنه ليساهم في إظهار الحقيقة ويصل إلى شعر أكثر سموا لأن الشعر في النتيجة ينشد للمحبة والخير والبناء.
وللأديبة انتصار سليمان ست مجموعات شعرية هي ..”لو جئت قبل الكلام” و “دروب إليك وجمر علي” و “ناي لأوجاع القصب” و “أبشرك بي” و “فاتك انتظاري” و “ما وأدت الشك” ورواية واحدة هي “البرق وقمصان النوم”.
محمد الخضر