محاربة الإرهاب والضبابية الأميركية المقصودة-الوطن العمانية

يلتبس الموقف الأميركي من محاربة الإرهاب بصورة عامة ومحاربة إرهاب تنظيم “داعش” بصورة خاصة على كثير من المتابعين، ومرجع ذلك قد يكون إلى الضبابية والتباينات الكثيرة المقصودة في التصريحات والمواقف الأميركية حيال هذا الأمر، وتحديدًا الاستراتيجية التي أعلن الرئيس باراك أوباما لمواجهة تنظيم “داعش” الإرهابي. إلا أنه عند مقارنة الأضداد، والأقوال والأفعال، تتميز حقائق الأشياء.

ومعروف عن الأميركي أنه يصرح بشيء ويفصح عن أمر، لكن بوصلته موجهة نحو شيء آخر يريد تحقيقه، فهناك اعتقاد لدى الكثير بأن الأميركي يعيش تخبطًا وارتباكًا في كيفية التعامل مع الإرهاب، وهذا غير صحيح، إذ إن حالة الارتباك والتخبط في مثل هذه الأمور مرفوضة؛ لذلك من خلال ما تشهده المنطقة من إرهاب يستعظم شرره، وتتوسع جغرافيته، يتضح دور الأميركي ـ وهو الخبير المجرب ذو الباع الطويل في التعامل مع الإرهاب ورعاية تنظيماته ودعمها وتوجيهها ـ في إقامة نوع من التوازن بين الإرهاب والخصوم عبر توظيف تنظيمات الأول (الإرهاب) في خدمة الأهداف الصهيو ـ أميركية، وإنهاك هذه التنظيمات في الوقت ذاته، وعبر استهداف الخصوم بحرب استنزاف طويلة أفصح عنها الأميركي أنها قد تمتد من عشرين إلى ثلاثين سنة في معرض إعلانه عن استراتيجيته “الإعلامية” لمواجهة تنظيم “داعش”.

وإزاء هذا القدر الثابت من اليقين بأن الأميركي يتحدث عن شيء ويريد غيره، يطالعنا الإعلام الأميركي بأن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تجري تحقيقًا حول لجوء مسؤولين عسكريين في القيادة الوسطى الأميركية إلى إعادة كتابة تقارير استخباراتية تقدم للرئيس باراك أوباما لإعطاء نظرة إيجابية أكثر بشأن فعالية التحالف العسكري ضد تنظيم “داعش” في العراق، بينما الحقائق على الأرض تثبت عكس ذلك. وما من شك أن هذا التحقيق لا يعكس فقط عدم الجدية في محاربة الإرهاب، وإنما يؤكد التناقض والتباين المقصودين في التصريحات الأميركية، فهو دليل إضافي على ما هو مترسخ عن عدم وجود استراتيجية أميركية حقيقية لمحاربة الإرهاب، بما فيه إرهاب “داعش”، وأن كل ما يعلن بشأن ذلك ليس سوى مجرد دعاية وترويج أريد من ورائهما إخفاء ما هو أبعد من أهداف ومشاريع استراتيجية، ولتدمير المنطقة واستنزافها ونهب ثرواتها، وتدمير كياناتها وطاقاتها ومواردها وفي مقدمتها الكيان الإنساني الذي غدت أجيال بين أنياب الفقر والجوع والمرض والتشرد والجهل والأمية.

إذًا، المراد أن تتحرك عاصفة الإرهاب في المنطقة وفي قلبها العواصم ذات الثقل والوزن الحضاري وصاحبة الدور التاريخي والبطولي، والصانعة لتاريخ المنطقة، والتي ناصرت قضايا الأمة، ويأتي في مقدمة هذه العواصم الثلاث(القاهرة ودمشق وبغداد) التي كتبت تاريخًا مشرفًا للعروبة والإسلام في مواجهة أبغض وأحقد وأوحش احتلال عرفته البشرية، ألا وهو الاحتلال الإسرائيلي. ولذلك ولخصوصية الترابط المصيري والمكانة الاستراتيجية والدور الكبير لهذه العواصم، ولما تمثله إحداها للأخرى من عمق استراتيجي خاصة القاهرة ودمشق، فإن الفرصة قائمة، بل إن الوقت قد حان لبلورة استراتيجية موحدة بين مصر وسورية والعراق لمواجهة الخطر الداهم الذي يهددها، دلت عليه الحضانة ورعاية الأمومة والأبوة للإرهاب من قبل قوى معروفة بعدائها وعمالتها، ومنع مصر من تشكيل تحالف تتعامل به مع هذا الخطر في ليبيا، واستبعاد سورية من الدخول في ما يسمى التحالف الدولي، ومنع بغداد من التنسيق مع دمشق لمحاربة إرهاب “داعش”.

رأي الوطن

انظر ايضاً

الوطن العمانية: عودة سورية إلى الجامعة العربية تعيد الدور العربي لمكانته الصحيحة

مسقط-سانا أكدت صحيفة الوطن العمانية في افتتاحيتها اليوم أن العودة السورية إلى الجامعة العربية تمثل …