التاريخ يشهد-صحيفة البعث

يبدو أن الحرب بدأت تضع أوزارها، وملامح تشكل العالم الجديد متعدّد الأقطاب بات يرخي بظلاله على عموم المشهد السياسي العالمي، بعد أكثر من أربع سنوات من الحرب، تدخلت فيها دول بكل ثقلها للإبقاء على حال الهيمنة وضمان المصالح مستخدمة أدواتها البترودولارية في تقديم التمويل اللازم للتنفيذ، وأخرى سعت وباتت قاب قوسين أو أدنى من بلوغ مبتغاها بإعادة التوازن إلى القرار الدولي ورفع الظلم عن الدول المناهضة للمشروع الصهيوأميركي والساعية إلى الاستقلال بقرارها والحفاظ على هويتها.

ومع اقتراب مُفترض للربع ساعة الأخير من عمر الحرب لا تزال سياسة شدّ الحبال هي الطاغية، حيث الحديث عن الحلول السياسية للأزمات في منطقتنا يصطدم بضبابية السياسة الأمريكية، والتي تسعى من خلالها إلى كسب مزيد من الوقت لجني الأرباح قبل الاعتراف بحكم الأمر الواقع بأن زمن استفرادها بالقرار العالمي قد ولّى، وأنه لابدّ من الإقرار بدور القوى الصاعدة لتأخذ مكانها كشريك في رسم الخريطة الجيوسياسية الجديدة على قاعدة احترام سيادة الدول وحريتها في تقرير مصيرها بعيداً عن التدخلات الخارجية، وبالتالي فإن الفرصة مواتية للدول الكبرى في منطقة الشرق الأوسط لقول كلمتها بعيداً عن المواربة والمحاباة، ففي هذه المرحلة لا مكان للسياسات الرمادية، فإما أن تكون في محور الساعين إلى إطالة عمر ليل جثم على صدورنا لعقود من الزمن وأبقى من يسميهم حلفاء له مجرّد أدوات يتخلى عنها عندما تنتهي مدة الصلاحية، وإما في محور القوى الصاعدة التي ترسم بصمودها واعتمادها على الذات ملامح فجر عالم جديد عنوانه العريض بقدر ما تبتعد عن المعونات تحقق للوطن والشعب حياة أفضل.

من هنا فإن الحراك السياسي المتسارع خلال الأيام القليلة الماضية يمكن وضعه في سياق التحضير للجلوس إلى طاولة المفاوضات والكل يحاول جمع الأوراق، ففيما تسوّق أمريكا من خلال سطوتها على المنظمات الدولية لمبادرات سياسية حمّالة أوجه، قابلتها روسيا بمبادرة واضحة مفادها مكافحة الإرهاب، الذي عمّ وانتشر، وهو الطريق الوحيد للانتقال نحو مستقبل أفضل وتخليص العالم من سرطان الإرهاب التكفيري، وهذا كان محور المحادثات التي أجراها الرئيسان بوتين والسيسي في موسكو قبل أيام، بالتزامن مع إعلان إيران بأن مبادرتها لحل الأزمة السورية على وشك الاكتمال، وهي في المجمل تتماهى مع ما تطرحه روسيا.

إذن انخراط مصر في هذه المرحلة في تحالف دولي لمحاربة الإرهاب، بما تمثله من ثقل بشري وعسكري، وفتح طريق دمشق القاهرة، باتخاذ خطوات جريئة نحو تعاون واسع في كافة المجالات، وعلى رأسه مكافحة الإرهاب، الذي أصبح يهدّد أمن مصر، بات أمراً ملحاً أولاً لضمان مكان للعرب في العالم الجديد، وثانياً لإعادة الاستقرار إلى المنطقة العربية عبر التصدي للمشروع الصهيووهابي المتمثل بالإرهاب للحفاظ على الدولة المدنية.. ففي كل مرة اجتمعت سورية ومصر كانت تتحقق المعجزات والتاريخ يشهد على ذلك.

عماد سالم

انظر ايضاً

أطفال من السويداء يغنون.. “سوريا البلد وما في للأبد”

السويداء-سانا أحيت فرقة “دو ري مي” المكونة من 22 طفلاً وطفلة على خشبة قصر الثقافة …