اللاذقية-سانا
استطاع أعضاء “الجمعية السورية للاستكشاف والتوثيق” وعلى مدى أيام عيد الفطر تحقيق انجازين مهمين على صعيد الأنشطة والاستكشافات الخاصة بالجمعية يكمن أولها في نجاح أخطر وأهم نشاط في تاريخ الجمعية حمل عنوان يجب ان اكون على قيد الحياة وتجسد بقضاء أربعة أيام وثلاث ليال بعمق البراري في وادي ذي طبيعة صخرية مائية قاسية وغير مأهول بشريا.
أما الانجاز الثاني فيتجلى باستكشافها المميز لأحد المواقع الطبيعية المهمة وهو كهف الملكة الذي يعتبر كهف غاية في الغرابة من حيث تكوينه وتشكيلاته الطبيعية ويقع في منطقة المزيرعة على بعد 1 كيلومتر شمال غرب قرية بيت الميدان في وادي نهر البيروني.
أكثر من ثمانين متطوعا من مختلف المحافظات السورية شاركوا في المبيت الذي وصل خط سيره الى 29 كيلو مترا خاضه المشاركون دون أي مصدر من مصادر التموين المعتادة من البلدات أو القرى المجاورة معتمدين على منتجات الطبيعة وما تحمله حقائبهم من مؤونة.
ويعرف المبيت التجوالي بأنه مسير طويل ينفذ على عدة مراحل يقطع المشاركون في كل مرحلة مسافة مسير طويلة في عمق البراري بعيدا عن المدن والقرى والبلدات والطرق العامة للبحث عن موقع مبيت جديد في كل يوم وخلال مسيرهم تكون البراري المحيطة بهم هدفا لاستكشاف ما فيها وتوثيقه أما الهدف الرئيسي من هكذا نشاط فهو تدريب المتطوعين المشاركين على فنون التعايش مع الطبيعة في الظروف الصعبة والقاسية جدا.
وتحدث قائد فريق الطوارئء الدكتور وسيم معروف لنشرة سانا سياحة ومجتمع عن أبرز معالم المبيت لافتا الى أن نقطة الانطلاق كانت على ارتفاع نحو 700 م في بلدة العنانيب بقضاء محافظة اللاذقية في المنطقة الواقعة ما بين القرداحة والمزيرعة ليحط الرحال في باطن وادي نهر الفرس الذي كانت قد نضبت مياهه في مكان تجمع الفريق فكانت مغامرة البحث عن الماء لتأمين مؤونة اليوم الأول.
وقال معروف “على مدار 12 ساعة كاملة من اليوم الثاني للمبيت كانت فرق العمليات تنفذ وبدقة ما تدربت عليه سنين طويلة لتحرص على وصول المتطوعين بأمان عبر جروف صخرية قاسية وشديدة الانحدار ومجار مائية ضيقة وعوائق نباتية ومائية شديدة الوعورة”.
ليل اليوم الثاني شهد المتطوعون حسب معروف اقتراب الحيوانات الشرسة والعطشى من مكان مبيتهم لافتا الى انه في صباح اليوم التالي مع شروق الشمس بقيت روح المغامرة في أوجها فانطلق الجميع باتجاه هدفهم في جو حار وهمة ظهرت جلية في إرادة المتطوعين على الاستمرار رغم بعض الاصابات التي عملت وحدات الدعم الطبي على مداواتها وانقطاعهم عن مصادر التزود بالماء والطعام وابتعاد القرى والبلدات عن خط السير في بر خال من البشر أو أي معلم لهم ليصار إلى اتخاذ القرار في اليوم الثالث بتغيير الوجهة من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي واتخاذ مسلك مائي غني ونقي ليصل المتطوعون الى كهف قصر الملكة.
من جهته أوضح سامر عقاد قائد الفرقة المشاركة في المبيت أن كهف قصر الملكة صنع حاجزا طبيعيا منع المجموعة من التقدم لإتمام المسار فكان القرار بالمبيت هناك ليخصص اليوم الثالث للبحث والاهتمام بأمر هذا الكهف.
واضاف عقاد “كهف قصر الملكة الاسطوري عبارة عن نحت صخري أنتج هوة تجاوز ارتفاعها 10 أمتار قطر قبتها نحوا 3 أمتار وعرض بابها نحو 5 أمتار نتجت عن نحت الماء في الصخر لسنوات عديدة وقد وثقت الجمعية وجود حيوان السلمندر الناري في بركة الهوة التي تتميز بغناها بالمياه العذبة ويوجد في سقف الهوة فتحة سماوية لا يدخلها ضوء الشمس إلا في يوم واحد من السنة وسنعاود زيارتها لأجل التحقق من موعد دخول الشمس لها وتحديد ذلك اليوم بدقة”.
تعد هوة الملكة من الهوات المميزة وقد سجل في المناطق القريبة منها عدد من النوازل إضافة إلى العديد من الكائنات الحية النباتية والحيوانية في وسط تلك البراري العذراء و قد قامت اللجنة الفرعية للاستكشاف والتوثيق في الجمعية قسم الطبوغرافية بتحديد موقعها على الخريطة الالكترونية بدقة لتدخل ضمن قائمة الاستكشاف التي تمكنت الجمعية من انجازها.
ولفت إلى أن الجمعية بحثت عن هذا الكهف لأكثر من ست سنوات مضت بعد أن وردتنا معلومات عنه من خلال روايات أهل المنطقة الذين كانوا يتحدثون عن أسطورة الملكة التي هربت إلى احد الكهوف واختفت بداخله وكان صوت بكائها يسمع في كل ليلة ويقال أن دموعها حفرت الهوة داخل الكهف كما يشاع أن صوت بكاء الملكة ما زال يسمع حتى اليوم.
ياسمين كروم