اللاذقية-سانا
أربع سنوات من الحرب الإرهابية على سورية كانت كفيلة بالنسبة للشاعر الشاب زياد جبيلي لخلق تجربة شعرية تراكمية ذات نصوص حديثة العهد جرب فيها التخلي عن كل الأدوات التي اكتسبها سابقا سواء عبر قراءة الكتب أو متابعة الشعراء المخضرمين ليعود إلى الفطرة الأولى فيتجرد إلى حد ما من رواسب الذاكرة دون نكران الواقع الذي فرض لغة كتابة معينة على النصوص تتراوح بين الحركة و السكون و الصمت و الصخب بما يقترب من الأعماق الإنسانية في تناقضاتها المتعددة و هو ما أفضى مؤخرا إلى إصدار كتابه الأول تحت عنوان “لا غيم يقود العربة”.
وفي حديثه لنشرة سانا الثقافية أوضح “جبيلي” أنه أصدر ديوانه الأول بعد خمس مسودات قام بكتابتها المرة تلو الأخرى بدافع من شعور داخلي بضرورة تغيير أسلوب الكتابة الذي اتبعه منذ وقت طويل ليقارب الواقع المعاش قدر الإمكان مضيفا إنه “أراد التوجه في هذا الكتاب إلى كل السوريين فكتب عن النزوح والفقد والموت والحب”.
وتغلب النصوص الطويلة على ديوان الشاعر جبيلي فالاختزال على حد قوله لم يكن قادرا على توصيف الحالة التي يريدها على نحو مقبول وهكذا أتت النصوص المستفيضة في ثلاثة أقسام هي قوام ديوانه حيث حمل أولها عنوان “ماذا يفعل اسكافي في منزل خال من الأحذية” أما الثاني فجاء بعنوان “تحسس أصابع غادرت في سترة ربيعية” ليحمل الثالث الذي يضم النص الأطول في الديوان عنوان “منزل يقلد صوت حديقة”.
وقال.. “قدمت في مجموعتي الشعرية نصوصا متعددة تشبه الواقع الذي نعيشه كما في نص “عشر ليال من الركام” الذي يحكي عن قدر السوريين في هذه المرحلة حيث تحن قلوبهم إلى ماض قريب و حاضر متخيل و واقع يمكن التقاطه عبر جولة سريعة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي كما عرضت لمشاعر الترقب والانتظار والفقد”.
ورغم ما يتضمنه الديوان من صور الحرب و واقعها و قصصها إلا أن جبيلي لا يصنفه تحت عنوان “أدب الحرب” فحسب وصفه هو مجرد نصوص أحب أن يضع فيها لغة جديدة غير مستوردة مبتعدا عن اللغة الدارجة في النصوص الشعرية السائدة في محاولة لجذب القارئ.
واختتم جبيلي حديثه بالقول.. سيبقى الشعر نخبويا وخاصة أننا في عصر جديد سادت فيه مواقع التواصل الاجتماعي التي ساعدت على انتشار الشعر والشعراء لكنها أثرت على آلية القراءة وذهنية القارئ فلم يعد اقتناء كتاب من أولويات هذا الأخير لكنني مع غيري من الشعراء الشباب كافحنا طويلا لنثبت أنفسنا في وسط أدبي يضم عددا كبيرا من الشعراء المخضرمين و ما زلنا نبذل جهدا لنتقاسم معهم الطاولة والآراء.
يشار إلى أن الديوان الصادر حديثا عن “دار أرواد” يقع في ثمانين صفحة من القطع المتوسط أما الشاعر جبيلي فهو من مواليد اللاذقية 1985 ويحمل إجازة في الاقتصاد وأخرى في الترجمة.
ياسمين كروم