حماة-سانا
بعد ستة أيام من الفعاليات المتنوعة طوى مهرجان التراث الأول الذي احتضنته مدينة سلمية بمحافظة حماة الليلة الماضية صفحته الأخيرة بأنشطة متعددة ركزت في مجملها على إحياء التراث في هذة المدينة العريقة التي تعد جزءا من تاريخ سورية وحضارتها.
وحرص المشاركون والمنظمون على تقديم أفضل مالديهم من مقتنيات ووثائق مصورة وندوات وأشعار شعبية ومسرحيات وفقرات فنية فنجحوا رغم تواضع الإمكانات باجتذاب جمهور كبير تواق للعودة إلى الماضي إذ حضر المهرجان عدد كبير من أبناء المدينة وريفها وكانت صالة المركز الثقافي العربي بسلمية ممتئلة يوميا بالمثقفين والمهتمين.
وأراد منظمو المهرجان أن يقولوا بصريح العبارة أن العودة إلى التراث الآن وفي ظل الظروف القاسية التي يمر بها بلدنا ليست ترفا أو فعلا عبثيا بل محاولة متواضعة لمواجهة ما يجري من سياسات مبرمجة لنسف تراثنا وتدمير تاريخنا عبر مقولة واضحة مفادها “الفعل الثقافي والحضاري مقابل التدمير والنسف”.
وقال “حسين ديوب” رئيس مكتب الإعداد والثقافة في فرع حماة لحزب البعث العربي الاشتراكي في تصريح لسانا ان إقامة المهرجان رسالة بالغة الأهمية في ظل الحرب الكونية على سورية مفادها ان التراث هوية الأمة وان من يمتلك الجذور لايمكن اقتلاعه أما من غزانا فلا جذور له ويسهل اقتلاعه.
وأضاف.. يتوجب علينا أن نقيم محطات تراثية لكل منطقة في سورية لتبقى الأجيال منتمية لوطنها العزيز.
وأكد “مهتدي غالب” عضو اللجنة المنظمة للمهرجان ضرورة إقامة مثل هذا الحراك الثقافي في هذه الفترة القاسية من تاريخ سورية وضرورة التأسيس والحراك لإنعاش التراث وتعريف الأجيال القادمة به ولاسيما ان هذا التراث هو ذاكرة الأمة وهويتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية ودعا الأجيال الشابة إلى عدم التخلي عن الثقافة لأنها تجسد هويتنا وذاكرتنا وماضينا وحاضرنا ومستقبلنا الذي هو مستقبل الوطن وإنسانه معربا عن أمله باللقاء في المهرجان التالي والوطن قد استعاد عافيته وطرد جراد الظلام والقتل من كل أرجائه.
بدوره أوضح “أيمن رزوق” عضو اتحاد الكتاب العرب ان هذه الفعالية كانت استجابة لحاجة ثقافية اجتماعية بعد أن ابتعد البعض عن تراثهم وثقافتهم المفعمة بالإنتاج القولي الشفاهي الغني بالتعبير عن الفرح والحزن وأغاني الزراعة والأعمال المهنية والأغراض العاطفية.
ولفت إلى ان الاستجابة الجماهيرية كانت متميزة ومتفاعلة وتم ربط ما يقدم بما يرغبه الكبار والصغار والأجيال المتلاحقة بالشكل والمضمون وقد عملت لجنة التراث والتنظيم على تقديم أعمال تراثية فيها شعلة الحياة مستمرة ومتواصلة في لوحات تمثيلية وغنائية.
وفي الحفل الختامي الذي ضم العديد من المشاهد التوثيقية التراثية والفنية والشعرية طرح منظمو المهرجان مكامن النجاح وضرورة تعزيزها وتطويرها بالإضافة إلى مكامن الخلل وضرورة تلافيها في المهرجانات اللاحقة كما تم توزيع الشهادات التقديرية لكل من اسهم في إنضاج هذة التظاهرة الثقافية المميزة.
ولأن عنوان المهرجان “سلمية تقاوم” كانت التحية اليومية للشهداء الأبرار بالوقوف دقيقة صمت على أرواحهم الطاهرة تقديرا لدمائهم ولبطولات الجيش العربي السوري الباسل إضافة إلى النشيد الوطني الذي كان يؤدى يوميا وقوفا وبصوت عال تجاوز أسوار المركز الثقافي العربي بسلمية الذي ينشط حاليا وبإمكانيات بسيطة لإنعاش الوعي المعرفي والثقافي والتراثي في مواجهة الرياح العاتية التي تجتاح الوطن الأكبر سورية.