دمشق-سانا
“الكلمات تعجز عن وصف شعورنا بتحرير سوريا من النظام الاستبدادي، انتظرنا هذا الأمر منذ عشرات السنين، والحمد لله تحقق ذلك رغم الثمن الكبير الذي دفعه شعبنا، ألف مبروك للسوريين حريتهم، فسوريا الجديدة أصبحت لكل أبنائها، وبات بإمكان الجاليات السورية والمغتربين في كل أنحاء العالم المساهمة بإعادة إعمار ما دمره النظام المجرم طيلة 54 عاماً من الاستبداد والظلم”.
بهذه الكلمات بدأ الدكتور زكي لبابيدي الرئيس السابق للمجلس السوري الأمريكي (ساك) وعضو مجلس إدارة التحالف الأمريكي من أجل سوريا حديثه لـ سانا، مبيناً أن إسقاط النظام المجرم حدث تاريخي ومفصلي وزلزال سياسي في منطقة الشرق الأوسط، وهذا الأمر سيفتح الأفق لإعادة علاقات سوريا مع مختلف دول العالم، بعد أن عزلها النظام بسياساته البلهاء، وسيؤثر أيضا على مجمل العلاقات الدولية.
وقال لبابيدي: هنيئا للسوريين حريتهم وخلاصهم من هذا النظام، فالمواطن السوري اليوم حر ويستطيع المشاركة ببناء وطنه والتعبير عن رأيه بحرية ومن دون أي خوف، وأصبح بإمكان أي سوري في شتى أنحاء المعمورة المساهمة في إعادة إعمار ما دمره النظام البائد طيلة 54 عاماً من حكم الفرد وطغمته الفاسدة، بعد أن كان ممنوعا على أي مغترب أو جالية سورية القيام بدورها في تنمية بلدها والنهوض به ومساعدة الشعب السوري الذي ذاق الويلات جراء سياسات النظام.
وأوضح لبابيدي أنه بعد انطلاق الثورة السورية عام 2011 لعب دوراً في تقديم الخدمات الطبية وتنظيم الحملات الإغاثية الطبية سواء داخل سوريا أو في دول الجوار مصر والأردن من خلال نشاطه ضمن الجمعية الطبية السورية الأمريكية (سامز)، إضافة إلى دوره المهم بصفته نائبا لرئيس المجلس السوري الأمريكي قبل أن يصبح رئيسه عام 2018، وهذا المجلس مظلة سياسية وجماعة ضغط تجمع سوريين مقيمين في الولايات المتحدة، بهدف دعم الشعب السوري سياسياً، علاوة على أنه كان أحد المنظمين لمؤتمر واشنطن عام 2017، الذي هدف لإيصال رسالة من الجالية السورية في أمريكا برفض بقاء بشار الأسد في السلطة وتحقيق انتقال سياسي عبر تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2254.
وقال الدكتور لبابيدي: إن المنظمات السورية الأمريكية وخصوصا المجلس السوري الأمريكي والتحالف السوري الأمريكي من أجل سوريا ساهمت في إقرار الإدارة الأمريكية “قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا” عام 2019، والذي تضمنت أحكامه عقوبات صارمة على كل الكيانات والشركات والأفراد الذين يقدمون التمويل والدعم للنظام المجرم لمساعدته في استهداف وقتل شعبه، وذلك بعد انتشار عشرات آلاف الصور للتعذيب والترهيب والقتل والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها أركان النظام البائد بحق شعب ثار ضد الاستبداد مطالبا بحريته.
لبابيدي بيّن أن النظام البائد كان يتذرع دوماً بأن ” قانون قيصر” هو سبب معاناة الشعب السوري وهو يعلم في قرارة نفسه أنه يكذب على شعبه وعلى العالم، لأن هذا القانون يستثني المساعدات الإنسانية وكل شيء له علاقة بالغذاء والأدوية، مشيرا إلى أن هذا القانون أثر كثيرا على النظام وعلى تعاملاته بشكل كبير، حيث منعه من التعامل مع البنك الدولي ومع دول العالم، ولم يعد أحد يرغب بالاستثمار في سوريا، لأن كل الاستثمارات فيها لصالح النظام.
وأشار لبابيدي إلى أن النظام لجأ بعد نقص السيولة لديه إلى تجارة المخدرات لاستمرار ديمومته، لكن جاء قانونا “كبتاغون 1 وكبتاغون2” ليضيقا الخناق عليه أكثر وأسهما مع “قانون قيصر” بتهاوي النظام بعد أن أفقر شعبه وقتل أكثر من مليون منه وشرد الملايين ودمر بلداً عمره آلاف السنين فقط للمحافظة على كرسيه، غير أن كل هذا لم ينفعه، حيث أسقط الشعب السوري في الثامن من كانون الأول 2024 هذا النظام المستبد واستعاد حريته ووطنه.
واعتبر الدكتور لبابيدي أن الهدف الأساسي والأولوية حالياً للجالية السورية وللمنظمات السورية الأمريكية العمل على رفع العقوبات عن سوريا وإلغاء ” قانون قيصر”، مؤكدا أنه مثلما نجحوا في فرضه لإضعاف النظام فإنهم قادرون على رفعه، حيث لم يعد هناك أي مبرر لوجوده بعد سقوط النظام، والمرحلة القادمة تتطلب من جميع السوريين العمل على مواكبة التطور والتنمية التي حققتها معظم دول العالم.
وشدد لبابيدي على أنه من المهم جداً بالنسبة للجالية السورية في أمريكا رفع العقوبات عن سوريا التي تحتاج لاستثمارات وإعادة التعامل مع النظام البنكي العالمي لتسهيل حركة الأموال وتسهيل الاستثمار والمشاركة في إعادة إعمار ما دمره النظام الذي أعاد سوريا إلى الوراء عشرات السنوات، فاليوم هناك حكومة جديدة همها المواطن وهدفها تحسين البلد.
وأكد لبابيدي أن إعادة العلاقات بين سوريا والولايات المتحدة أمر مهم جداً لأن واشنطن تسيّر السياسة الخارجية لمعظم الدول الأوروبية التي تنتظر إشارات واشنطن لتقرر كيف تكون سياساتها تجاه سوريا الجديدة، مشددا على ضرورة التواصل بين الحكومة السورية الحالية والحكومة الأمريكية لإعادة فتح السفارة في واشنطن بأسرع وقت ممكن، وأن يتحقق هذا الهدف سريعاً لأنه ينعكس إيجابا على الدولة السورية، فضلاً عن إعادة تفعيل بعثة سوريا لدى الأمم المتحدة في نيويورك لإيصال صوت سوريا الجديدة إلى كل دول العالم، من خلال هذا المحفل الأممي الأهم والذي تتابعه كل وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي في كل دول العالم.
جمعة الجاسم