اللمسات النهائية على عرض “هدنة” للمخرج المسرحي مأمون الخطيب-فيديو

دمشق-سانا

يضع المخرج المسرحي مأمون الخطيب اللمسات النهائية لعرضه الجديد “هدنة” قبل أيام من انطلاق عروض المسرحية على خشبة مسرح الحمراء بدمشق وسط أجواء من الحماس والاجتهاد الكبير من فريق العمل المتشوق ليوم الخميس القادم للوقوف على الخشبة وتقديم عملهم للجمهور.

“هدنة” التي كتبها عدنان الأزروني تكثف حيوات عدة أشخاص يشبهون معظم أفراد المجتمع السوري بالقالب العام وتتداخل تفاصيل حياتهم الشخصية مع الظرف العام في البلد في ظل الحرب الارهابية عليهم التي أخذت تنهش أحلامهم وآمالهم مهما كانت صغيرة.

تمازج الخاص بالعام يأتي في العرض لاختزال معطيات فكرية تعيد الازمة لعدة أسباب وتقترح الحلول بالأمل الواجب وضرورة ايجاده مهما بدا المشهد مظلماً فعبر التفاصيل يمكن الفرح وطريقة التعاطي مع الأمور والذكريات هي التي تحدد حالة الإنسان النفسية في سياق مجريات الأحداث التي تتسارع دون توقعات إلى نهاية واضحة على الصعيد الذاتي ومنه للأقرب فالعام بشكل أكبر.

ومخرج العمل مأمون الخطيب الذي قدم العام الماضي عرضاً ناجحاً بعنوان نبض يقول في تصريح لـ/سانا/ عن رؤيته للعرض ..انطلاقا من ايماني الكامل بأهمية العمل على النصوص السورية والعمل على الافكار والاحداث والمشاكل التي تنطلق من الواقع السوري جاء اختياري لنص “هدنة” للكاتب عدنان الأزروني.

1وتابع.. في عملي المسرحي السابق “نبض” كان هدف العمل هو الحديث عن امهات سورية اللواتي يقدمن ابناءهن شهداء فداء لوطنهم وعن سورية الام التي تفقد أبناءها اما في هذا العمل فهناك توجه آخر حيث يروي قصة شباب وعائلات سورية ومدى تأثرهم بالازمة انطلاقا من منحى انساني بحت.

وأكد الخطيب أن عمله هذا يثبت أن المسرح هو مرآة المجتمع موضحا أنه من الضروري الآن “تم طرح ما يعاني منه المجتمع السوري من أزمات نفسية واجتماعية مع الاقتراب من الواقع وعدم الابتعاد عنه ولاسيما في هذه الظروف الصعبة التي نعيشها لان دور الثقافة هو استشراف للواقع والازمات”.

وشدد الخطيب على ضرورة دعم المسرح والعاملين فيه وهو واجب المؤسسات إلى جانب ضرورة توعية الشباب بدور المسرح والثقافة بشكل عام معتبرا أن المسرح فعل تنويري يحقق دوره بفضل القدرة على الاحاطة بكل ما يحدث حولنا وطرح افكار تتناسب جدا مع الواقع الذي نعيشه ونمر به.

ويبين الخطيب ان المسرح في هذه الفترة هو نوع من التوثيق لما نعيشه الان وليس للتوصيف فقط لافتا الى ان العمل المسرحي الجيد يجذب جمهوره وان الازمات تفرز في النهاية ما هو جيد وما هو سيىء وسطحي ونحن مهمتنا كمخرجين ومثقفين وفنانين ان نكون جديين في نقل واقع الشعب السوري على خشبة المسرح وان نكون الوجه الحقيقي لمعنى الفعل الثقافي المسرحي.

ويضيف إن الجمهور المسرحي في سورية محب لكل ما يقدم له متمنيا ان تشهد عجلة المسرح تطورا كبيرا لان الازمات تولد الافكار والفن الحقيقي يخرج في تلك الاوقات مؤكداً أن دور المؤسسات الثقافية “أن تعي حجم الكارثة قبل أن تحدث” وأن تبادر لزيادة الدعم الثقافي والمعنوي للعاملين بالفن التنويري لان المسرح هو واجهة المجتمع.

بدورها الفنانة رنا جمول ترى أن تجربتها مع مأمون الخطيب في مسرحية هدنة تختلف تماما عن دورها في مسرحية نبض من حيث الموضوع والشخصية رغم أن هناك قاسما مشتركا بينهما وهو الواقع الحالي الذي نعيشه الان وهو الحرب على سورية موضحة أن العمل يعتمد على شخصية المحارب على الجبهة وذكرياته مع عائلته واصدقائه وحبيبته.

والفنانة جمول التي تؤدي دور والدة خطيبة بطل العرض هي شخصية حالمة تتمنى كل شيء أن يكون جميلا في الحياة ولكنها تصدم بالواقع ما ولد لديها فلسفتها الخاصة في هذه الحياة تؤكد قدرة المسرح على مواكبة الازمة في سورية وأنه يحاول ان يكون لصيقا بهذا الواقع الأليم والحزين والوجع وأن يعبر عن ألمنا والمسرحيون يحاولون بث الامل في نفوس الشعب الى جانب تناول مشاكل اجتماعية واجهتنا.

والفنانة نسرين فندي تجسد في العرض شخصية مريم وهي حبيبة هادي التي يتذكرها دائما.. وعن دورها والعرض تقول..تدور احداث المسرحية حول حلم شخص احبته مريم وكان حلمهما تأسيس عائلة وبناء بيت لهما ولكنه لم يتحقق بسبب الظروف ومع ذلك بقيا مصرين رغم كل شيء على تحقيق هذا الحلم.

وعن دور المسرح السوري في هذا الوقت بينت فندي ان كل الاشخاص الذين يعملون في المسرح الان وبرغم كل الظروف يحاولون تقديم دورهم في المجتمع وهو دور حساس في هذه المرحلة لأن رد فعل الجمهور مباشر حيث يكون الفنان قريبا منه جدا ومن افكاره ومشاعره موضحة أن دور المسرحيين الآن هو الاستمرار في العمل دون توقف والتواجد الدائم على خشبته.

وحول تفاوت المستويات الفنية التي تقدم من خلال العروض المقدمة تقول فندي.. من الطبيعي ان تتفاوت مستويات العروض المسرحية لكن من المهم جدا اننا ما زلنا مستمرين وما زال الجمهور السوري يأتي ليشاهد تلك الاعمال رغم كل شيء ونحن نملك فنانين شغوفين بالمسرح ومستعدين للعمل في اصعب الظروف.

بطل العرض الفنان يامن سليمان الذي يؤدي شخصية المهندس هادي الذي التحق بالجيش منذ خمس سنوات كان عنده حلم بالحياة كمهندس ان يصمم بيته على طريقته الخاصة اضافة الى حلمه ببناء وتصميم بيوت اصدقائه واقربائه وتحول هذا الحلم عنده خلال الازمة إلى تعمير وبناء متراس للتصدي للإرهابيين لكن الايمان لديه بأن هذه الازمة ستنتهي ويحقق حلمه الهندسي ويعمر بيته الزوجي هو وحبيبته.

ويقول سليمان.. شخصية هادي تجعله دائما يتخيل بان بيته الذي يحلم بتحقيقه سيكون في المتراس وهو يعيش على هذا الامل وتنتهي المسرحية وما زال الامل موجودا بداخله لتحقيق حلمه والعودة إلى حبيبته التي تنتظره.

أما الفنانة لينا حوارنة فتجسد شخصية والدة هادي بطل العرض وهي من الشخصيات التي لها معاناتها من خلال التكثيف في الانضباط والنظافة والحالة المزاجية المتوترة دائما فهي ام لجندي سوري وتأثير هذه الازمة عليها كان كبيرا على الصعيد الانساني والاجتماعي.

ورأت حوارنة أن هذا العرض وليد الازمة وتأثيرها علينا كشعب ومجتمع موضحة ان مجمل العروض المسرحية التي تقدم حاليا على خشبات مسارحنا تلامس الوجع السوري.
أما ابو هادي الاب المقموع من قبل المرأة التي هي زوجته فيؤدي دوره الفنان غسان الدبس وعن هذه الشخصية يقول.. “هي عمليا حالة احتواء لتلك المرأة الجميلة والمتذاكية والمثقفة ..وهو زوج يمتلك صفات جميلة ويجعل زوجته بمكانة عالية ويعيش معها حالة اجتماعية تكاملية”.

وعن رأيه بالعرض يقول الدبس..”هو هدنة بين كل الناس فنحن بتنا بحاجة هدنة طويلة حتى نرجع لنتعايش ونحب بعضنا الى جانب حاجتنا للفرح والامل” موضحا ان للمسرح دورا عظيما ولكن في هذه اللحظة يحاول المسرحيون ان يكون لهم دور ايجابي وفعال معبرا عن رضاه عما يقدم الان من مسرحيات ولاسيما في هذه الظروف الصعبة.

الفنان أسامة تيناوي يجسد شخصية عمار وهو شاب خريج كلية الهندسة وهو صديق لهادي بطل العمل ويستشهد خلال الاحداث بقذيفة هاون تسقط على منزله ولكن طيفه وروحه يبقيان معلقين بالمكان ومع جميع الاشخاص والاصدقاء الذين يعيش معهم ولاسيما صديقه هادي الذي كان يرافقه بكل تفاصيل حياته اليومية.

وعن أهميه هذا العرض يقول تيناوي.. معظم العروض المسرحية التي تقدم الان نابعة من الواقع الذي نعيشه ولكن في هذا العرض توجد حالة انسانية عالية بعلاقة انسان مع اهله واصدقائه ومكانه ومع الحب وعن الماضي والحاضر فهو نتاج فني لواقع الازمة التي نعيشها حاليا موضحا ان العروض المسرحية التي تقدم الان تتفاوت في مستواها وهذه نتيجة طبيعية في ظل الظروف التي يمر بها بلدنا.

من جهته عبر الفنان جمال نصار عن سعادته بالعودة الى المسرح القومي بعد انقطاع طويل وعن مشاركته في هذا العمل مع المخرج مأمون الخطيب لأول مرة ويقول.. اجسد دور العم ادهم وهو تاريخ خمسة وعشرين سنة من المعاناة والحب المكبوت مع امرأة لم يتحقق الحلم معها بالزواج لكنها تتزوج اخاه الذي يموت بعد فترة قصيرة.

وعن رأيه بالعرض يوضح نصار انه على الفنان تأدية دوره لبلسمة جراح الوطن وعلى كل شخص في هذه المرحلة تأدية واجبه فهو بطل في مكانه مثل الجندي الذي يقدم دمه فداء لوطنه مبيناً أن في هذا العمل يقدم الواقع المعاش من خلال خلفية اجتماعية في ظل هذه الحرب على سورية.

محمد سمير طحان وشذى حمود

انظر ايضاً

مسرحية هدنة تواصل عروضها على مسرح الحمراء بدمشق