دمشق-سانا
يقدم أنور فؤاد الجندي لكتابه كبرت متمردا الصادر عن دار بعل للطباعة والنشر تحت تسمية شعر أربعين نصا متناولا مواضيع شتى تناول في أغلبها تأثيرات الأزمة والحقيقة أن تسمية شعر أصبحت بالمجان فلا يكاد الكاتب يطلق بقلمه بعض الخربشات حتى يعطيها تلك التسمية وبدأ الكاتب نصوصه بلغة ضعيفة المعنى والمبنى ملونة بقافية باهتة الألوان غير ملائمة فيقول في نص بعنوان الشام الطيبة..
فانطلقت أسراب الحمام
تشجو باكية
من السماء ترجو للشام السلام
ويجود المطر ليسقي
الياسمين والجوري والخزام
وأي عشق في الدنيا يصل ذروته
بلا مسك ..ومسك الدنيا عبير الشام
ويتابع الكاتب في نصوصه رغم ضعف المعنى وبعده عن عمق الشعر وإيحاءاته وشفافيته فيقول في نصه الثاني إلى أمي
أبحرا من الحنان
بلا سترات نجاة
تنجيني من حنان العيون
يا مدفأة الروح في الشتاء
تتثاقلين في الحركة إن عطشتِ
كلما شعرتِ بعطشنا وجوعنا
بكيتِ ..وبكيتِ ..وكالغزالة تنهضين
كأننا في روضة أطفال
وننسى أننا صرنا رجالا.
ويجدر بأي وافد جديد على عالم الشعر أن يستشير أهل الأدب والصنعة قبل أن يقدم على خطوة النشر وألا يكتفوا بالمجاملات التي لن توصلهم لوحدها لدرجة تخولهم طباعة كتاب والنزول إلى الساحة الأدبية بصفة شعراء ومثال ذلك النص المنشور في مجموعة كبرت متمردا حيث قال..
كم في عقلي من الشجاعة
وكم في القلب حب
يجعله في ساحة الوغى وهنا
حتى تهت في الهيماء
لو تعمى عيوني
لبقيت على السمع فرحا
ويصير للدنيا طعم طيب
لعل اللوم لا يقع على الكاتب وحده حين يرى قول الشعر من السهولة بمكان إلى درجة يطبع فيها ما يكتب وإنما تقع اللائمة على دور النشر التي تسارع إلى طباعة أي نصوص تقدم بمجرد دفع تكاليف الطباعة كما يحمل اللوم أيضا للجهات التي تمنح موافقة الطباعة والنشر بحيث يراها الكاتب أسهل ما في الأمر وحتى لا يظن البعض أننا نتجنى على هؤلاء ونرمي الكلام جزافا نورد بعض ما ورد في كتاب كبرت متمردا تحت مسمى الشعر يقول في نص بعنوان “ابنة الشهيد”..
لمن أشكو المصابا
وأمي والدمع علي الخدين صبابا
لمن أشكو المصابا
وجدتي طوال الليل تنشد العتابا
لمن أشكو المصابا
وخافقي يبكي قد فارق الأحبابا
وحبيبي أبي صار تحت الترابا
ووسط ما تشهده البلاد من أحزان يحاول الجندي أن يحصر اهتماماته في تفاصيل صغيرة ليعبر بها عن مأساته فيقول في نص بعنوان “مرض نفسي”..
هذا الصباح لا شيء غريبا سوى الهدوء
وكالعادة الجميع استيقظ غاضبا
ضحكة ساخرة لا تعني أني فرح
سروا فنجان قهوتي الذي أحب
شربت قهوتي بفنجان اخر
ودخنت عدة سجائر
الكتاب الذي يضم أربعين قصيدة كلها بنفس هذا المستوى تطرح على الأذهان المعيار الذي يجعل من أي نص يقال يحمل تسمية شعر.
بلال أحمد