الشريط الإخباري

فيصل الجردي.. لوحة تجسد مختلف صنوف الإبداع

حمص-سانا

عشق الحياة فسطر حكاياتها بين صفحات رواياته وأحب الطبيعة والانسان فأغدقهما سحراً في لوحاته ومنحوتاته وتولع بالتاريخ فاستقى من أساطيره ما يضفي جمالاً على مختلف صنوف إبداعاته التي اجتمعت في شخصية ابن مدينة حمص الروائي والفنان التشكيلي والمؤرخ والمحامي فيصل الجردي.

وتميزت أعماله الروائية بأنها تجسد الواقع كما عاشه الجردي فهو يسرد تفاصيل الرواية بأسلوب وصفي يجعل من القارئ واحداً من شخصياتها فيحس بأحاسيسها ويتفاعل معها ويعيش في زمنها وتشده الاحداث دون أن ينتبه أن النهاية باتت قريبة.

عاش الجردي تجربة الحياة بشقائها ونعيمها ونهل من نهر العاصي معاني الخير والعطاء ومن غوطته حب الأرض والانسان فكان صادقاً في تجسيد شخوص رواياته مفعماً بحب الوطن والدفاع عن قضاياه.

ويستخدم الجردي في رواياته لغة تنم عن ثقافة فكرية ومعرفية تقترب حيناً من اللغة المحكية وتعلو حيناً آخر بالفاظ تدل على ابداع الروائي في سبره أغوار اللغة العربية الفصحى من خلال انتقائه كلمات تسمو بالمستوى الثقافي للمتلقى فهو ينتمي إلى حقبة الخمسينيات من القرن العشرين بكل ما تحمله من رقي على مختلف المستويات الثقافية والسياسية والفكرية.

ومن أبرز أعمال الجردي التي حظيت باهتمام الدارسين رواية الاميرة وفيها يحكي في سبعة فصول قصة حب تدور احداثها بين سورية ولبنان حيث يشارك بطل الرواية حسام في ملتقى النحت العربي في عاليه بلبنان بمنحوتة اطلق عليها اسم أميرة عاليه ويفوز بجائزته الأولى لكنه يتبرع بها إلى أطفال شهداء قانا وصبرا وشاتيلا .. وفي هذه الرواية يستلهم الروائي أسطورة الموت والانبعاث السومرية “انانا” و”تموز”.

ولقيت رواية الأميرة استحساناً بين أوساط المثقفين فكتب عنها الدكتور نضال الصالح.. “رواية الاميرة تعد جداراً ثانياً راسخاً في عمارة فيصل الجردي الروائية وهي مع روايته الثانية الهارب من الاسر تقدم أكثر من إشارة إلى مبدع متأن تبدو الكتابة بالنسبة إليه فعل تنوير وتطهير وليست فعل حضور أو ترميم لذات مثخنة بالهزائم والانكسارات”.

وفي روايته الثانية خيام عجيلو التي أهداها إلى جميع أحرار العالم الذين يتبوؤون ذرى الحق والخير والجمال يجسد الجردي قصة حب خيوطها قمر الصحراء تباركه كثبانها المتلألئة تحت الأشعة الفضية في أمسيات البوح فهو حب داهم قلبين في ظروف عصيبة حيث لم يترك له الهم الكبير متسعاً.. هم الوطن الذي فجع بالانفصال بين سورية ومصر فانبرى الجميع للتصدي له وللاحداث المتلاطمة التي واكبته لكن بطل الرواية تجاهل شوقه وخفقات قلبه ليواجه قدره بايمان راسخ وعزيمة لا تلين.

وفيصل الجردي من مواليد محافظة حمص عام 1942 عمل عشرين عاماً في التعليم وخمسة وعشرين عاماً في المحاماة وهو فنان تشكيلي أقام عدة معارض في الرسم والنحت وهو مولع بالتاريخ وعاشق للتراث والآثار وصدرت له عدة أعمال روائية منها “الهارب من الأسر” و”ملاذ الالهة” وله روايتان قيد الطبع “جراح غزة” و”إلى مؤاب” ومجموعة شعرية بعنوان” هشيم الخريف..وكان شغل سابقاً منصب رئيس جمعية العاديات الأثرية التاريخية في حمص.

حنان سويد