الشريط الإخباري

الأديب حطيني لـ سانا: الإبداع يطور النقد وعلى المثقف أن يكون مخلصاً لقضيته

دمشق-سانا

الأديب الدكتور يوسف حطيني متعدد المواهب وكتب في كل الأجناس الأدبية ليواكب الثقافة بشكل منهجي، مركزاً على الشعر لأنه يعبر عما في ذاته وعلى النقد لأنه يرصد تحولات الثقافة ومنجزاتها.

وفي حديث مع سانا قال حطيني: أكتب الشعر والقصة والرواية والنقد الأدبي، غير أن سمة النقد الأدبي طغت عليّ من وجهة نظر الآخرين، وكثيراً ما أدعى إلى ندوات نقدية، لكي أتحدّث عن تجارب الآخرين بحيادية الناقد، وقليلاً ما أدعى إلى تقديم نفسي من خلال أثر إبداعي أنجزه في الشعر أو القصة.

وتابع حطيني: بالطبع أجد نفسي في الكتابة الإبداعية التي أمارسها بشغف، وأفرح عندما أنجز قصيدة، وترافقني لذة إنجاز تفوق بكثير ما أشعر به عند إنجاز أي دراسة نقدية، باختصار: أحب ان أمارس الإبداع، وأجد نفسي في كتابة الشعر لأنه تعبير عما في الذات لحظة الانفعال الوجداني.

وأضاف الدكتور حطيني: هناك مقولة يرددها الشعراء، تقول: “إن القصيدة هي التي تكتبنا”، ليجيبوا عن مثل هذا السؤال، بمعنى: إنهم يكتبون حين تأتي القصيدة، أما بالنسبة لي فأنا أقرأ وأكتب في أي وقت، أقرأ وأكتب كلّ يوم ولساعات طويلة من أجل إنجاز الدراسات النقدية، لا أفعل شيئاً تقريباً سوى القراءة والكتابة، بالإضافة طبعاً إلى تدريسي الجامعي في قسم اللغة العربية في جامعة الإمارات، أما الكتابات الإبداعية، وخاصة الشعر فإنها تداهمني، فأترك كل ما في يدي لكي أكتبها قبل أن تفلت الفكرة التي تولد في قالب شعري.

وأوضح الأديب حطيني أن العلاقة بين النقد والكتابة علاقة قائمة دون شك، ولا يمكن لمبدع إلا أن يمارس النقد، لأن المبدع كما بات معروفاً هو الناقد الأول لنصّه: يُنجزه ثم يشذّبه ويهذّبه، يضيف فكرة أو يحذف فكرة، يبدل كلمة أو يعيد صياغة جملة، لكي يكون العمل أفضل، إنه هنا يمارس النقد التطبيقي بطريقة إيجابية لصالح النص الذي يكتبه، وليس ثمة مبدع يرضى عن شكل الكتابة الأول، وأنا أمارس ذلك، ولو قيض لي أن أعود إلى ما كتبت مرة أخرى لأجريت تعديلات كثيرة عليه، لأن الفكر والوعي والذائقة أشياء تتطور بمرور الزمن.

ولفت إلى أن ثمة شقا آخر للعلاقة بين النقد والكتابة، وهو الشق المتعلق بالكاتب والناقد الآخر، ومن المؤكد هنا أن هذه العلاقة مفيدة جداً؛ إذ يمكن للمبدع أن يستفيد من ملاحظات الناقد لتطوير منجزه الإبداعي، وينبغي ألا يكون هناك خلل في هذه العلاقة، حتى حين يُقابل المبدع نقداً متجنياً أو نقداً مُجاملاً فإنه يترتب عليه أن ينتقي المهم في الحالتين من أجل تطوير تجربته.

ورأى حطيني أن  النقد يترك آثاره على المبدعين، ليس في الوقت الحالي فقط بل في كل الأوقات، النقد يصوّب الأخطاء ويسهم في توجيه خارطة الإبداع، غير أن الفضل كله يرجع في الأساس إلى المبدع، فالمبدع هو الذي ينجز النص الأول، يتبعه الناقد؛ وإذا اقترح المبدع أشكالاً جديدة فإن الإبداع هو الذي يطور النقد في هذه الحالة، العلاقة إذن متبادلة بين النقد والإبداع، وكل منهما يطور الآخر.

وأشار الدكتور حطيني إلى أن المبدعين يلمسون في كل العصور تراجعاً في مستوى الإنجاز الإبداعي، ينظر الشاعر الحقيقي حوله، فيجد عشرات بل مئات من الشعراء من محدودي الموهبة، كذلك يفعل القاص والروائي، ومع ذلك فإن الخرق لن يتسع على الراقع، والدهر كفيل بالغربلة، “وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض”، معتبراً أن التراجع الذي نلمسه في عصرنا وفي كل العصور  هو مجرد إحساس متخيّل يُعبّر عن ندرة الإبداع؛ إذ لن يصل للأجيال اللاحقة إلا التجارب المميزة مما أنجزناه، وسيشكون بدورهم من تراجع الإبداع في زمنهم، لأن ما وصلهم من زمننا هو فقط الصالح للانتقال من جيل إلى جيل.

وبين الناقد حطيني أن الشعر يقوم أساساً على الإيقاع الذي تسعفه الصورة واللغة والرؤية وعناصر أخرى كثيرة متداخلة.. وهو بخير، على الرغم من كثرة “المتعدّين على الكار” ، وخاصة في عصر التواصل الافتراضي الذي يسمح للجميع بالنشر بلا حسيب أو رقيب، وقد أتاحت حرية النشر كثيراً من الفوضى، وهذا ما أدى إلى ظهور “شعراء ونقاد” لا حصر لهم، وعلى الرغم من ذلك فقد برز شعراء مهمون، وبالنسبة لي فقد تعرفت شخصياً إلى تجارب شعرية مهمة جداً عن طريق وسائل التواصل الافتراضي.

وأوضح حطيني أن على المثقف أن يحقق أمرين في منجزه الثقافي، الأول: أن يكون مخلصاً للقضية الاجتماعية والوطنية والقومية والإنسانية التي يعيشها من جهة، وأن يحقق من جهة أخرى شروط الكتابة التي يقدّم نفسه من خلالها، وبالنسبة للمثقف العربي أقول: إن عليه ألا يعيش في كوكب آخر بعيدا عن مشاكل مجتمعه، وأنا لست من الذين يحملون شعار ” الفن للفن”، لأنني لا أستطيع أن أغض الطرف عمّا يعاني أبناء شعبي ومجتمعي العربي من المشاكل والأزمات وخاصة بعد الخريف العربي، ومن الطبيعي أن أنحاز للوطن وأبنائه، وأن أقدّم منجزي بشكل فني يليق بالقضية النبيلة التي أحملها.

من مؤلفات الناقد حطيني “مقامات طريد الزمان الطبراني” دراسة في أنماط القص والتلقي والشخصيات والبيئة القصصية والقصة القصيرة جداً بين النظرية والتطبيق ودراسات في القصة القصيرة جداً و شجرة العائلة والرواية العربية في الغرب والقصيدة القصيرة جداً و موسوعة الشعر الفلسطيني ومؤلفات أخرى، وهو محاضر في جامعة الإمارات العربية المتحدة.

محمد خالد الخضر

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency