لم يك وزير الخارجية الأميركية جون كيري يهزأ عندما دعا المشاركين في المؤتمر الاقتصادي الذي أقامته الحكومة المصرية أول أمس إلى دعم «إسرائيل» متجاهلاً أن المؤتمر هو لدعم الاقتصاد المصري.
وواقع الأمر.. لا يلام كيري لدعوته هذه, فبلاده لا تخفي أولوية «إسرائيل» في أي شيء يخص المنطقة, وكامل اللوم يقع على أولئك الذين يحنون رؤوسهم وصدورهم لداعمي عدو العرب ومحتل أراضيهم وعلى رأسهم الولايات المتحدة.
بعض حاضري المؤتمر من العرب اكتفوا برسم الابتسامة على شفاههم عندما سمعوا دعوة كيري لهم بدعم «إسرائيل», وربما البعض منهم أحس نفسه في مضارب كيان الاحتلال الإسرائيلي, ومن المعروف أن الابتسامة هي دليل الرضا, ومن يدري.. ربما ستحصل «إسرائيل» على ضعف ما قدمه بعض مشايخ النفط الأسود إلى مصر والذي بلغ نظريا «12» مليار دولار مقدمة من السعودية والكويت والإمارات.
ليس سراً الاتفاق الأميركي الصهيوني على إفقار مصر وسورية وعرقلة النمو الاقتصادي في كلتا الدولتين, ومن هذا المنطلق يجب ألا تثق الحكومة المصرية بالوعود الأميركية بل أن تتوجس من حضور كيري إلى المؤتمر الاقتصادي ودعوته العلنية إلى دعم كيان الاحتلال الصهيوني, والعارفون ببواطن الأمور وظاهرها يعلمون انه برسالة مستعجلة من أي مسؤول أميركي إلى الدول الثلاث التي أظهرت دعمها المالي لمصر تتحول هذه الأموال إلى البنك المركزي الصهيوني, وهناك الكثير من الذرائع التي يمكن أن تتحجج بها هذه الممالك لتبرير عدم ضخ هذه الأموال في مجال الاستثمار المصري.
من الطبيعي أن تسعى الحكومة المصرية لاستقطاب استثمارات خارجية ومتنوعة, ولكن الأساس يجب أن يكون عماده مدخرات الشعب المصري وليس أموال النفط التي لم تؤد في يوم من الأيام إلى رخاء أي دولة عربية, والمثال الساطع على ذلك هو لبنان الذي حصل نظرياً على الكثير من الاستثمارات الخليجية, ولكن ما جاء من هذه الاستثمارات لم يبن الاقتصاد اللبناني على أسس صحيحة بل هدم المجتمع اللبناني وحوله إلى فئات تنتظرها المخاطر الاجتماعية والاقتصادية.
إن إصرار وزير الخارجية الأميركي على زج اسم «إسرائيل»في المؤتمر الاقتصادي الذي عقدته الحكومة المصرية يحمل بين طياته رسالةً غير مطمئنة على الإطلاق سواء لمصر أم للدول والشركات ورجال الأعمال الذين ينوون الاستثمار في مصر, ومن هنا تأتي أهمية تنوع الاستثمارات وعدم الاتكال على رؤوس أموالٍ أصحابها أو مالكوها هم أدوات لأميركا و«إسرائيل».
إن التجربة السورية مع الاستثمارات الخليجية ما زالت ماثلة للعيان وكيف ذابت هذه الاستثمارات مع أول إشارة أميركية ولم تكتف بعض المشيخات بسحب استثماراتها بل حولت رصيد هذه الاستثمارات إلى دعم التنظيمات الإرهابية بالمال والسلاح واستقدام وتفريخ الإرهابيين تنفيذاً لأوامر أميركية صهيونية لتدمير الدولة السورية.
وبالنظر إلى كلام جون كيري فإن لدى مشيخات النفط، وخاصة التي أعلنت الدعم لسوق الاستثمار المصري خيارين لا ثالث بينهما إما دعم «إسرائيل» بضعف ما قدم لمصر أو إما اختلاق الحجج للتراجع عن تعهداتها للحكومة المصرية, والفاصل في الموضوع الولايات المتحدة التي أرسلت وزير خارجيتها لزج «إسرائيل» في مؤتمر اقتصادي تقيمه الدولة المصرية على الأراضي المصرية.
مع الأسف نادراً ما يقترن القول بالفعل في إطار التعاون العربي وعندما تتدخل أميركا والغرب تكون الوجهة الأساسية «إسرائيل» ومن هنا يتأكد أن وزير الخارجية الأميركي لم يزل لسانه بدعوته لدعم «إسرائيل» بل كان قاصداً ما يقول مئة بالمئة.
صحيفة الثورة