هنالك تغيير جوهري في الرأي العام العالمي تجاه الأزمة في سورية حيث باتت الأغلبية العظمى من القوى السياسية والقوى الشعبية في الغرب وفي العالم عموماً تدرك أبعاد المؤامرة التي يتم تنفيذها في سورية بالتعاون والتنسيق بين الإرهاب العالمي وبعض قوى البغي الدولية.
لقد باتت دمشق تستقبل وفوداً برلمانية فرنسية، ووفوداً شعبية من دول لا يزال موقفها الرسمي ضد سورية، وتصريحات إعلامية من تلك الوفود تؤكد خطأ سياسات حكوماتها وتورطها في مؤامرة قذرة بدأت ترخي بظلالها على الأمن الإقليمي وعلى الأمن العالمي، لكن كل ذلك لم يبدل السياسة الأميركية تجاه ما يحدث في سورية والمنطقة، ولا تزال أميركا وحلفاؤها في باريس وأنقرة والرياض يراهنون على تعديل موازين القوى في سورية لمصلحة إرهابيي «داعش» و«النصرة» وغيرهما من تنظيمات لا تقل تطرفاً وإجراماً ومن هنا يتبدى الموقف الأميركي عبر تأكيد «البنتاغون» أن برنامجه لتدريب إرهابيي ما يسمى «المعارضة المعتدلة» في سورية سيبدأ في غضون ستة أسابيع.
لقد بات الجميع يعلم أنه لا يمكن الفصل بين فصيل إرهابي وفصيل إرهابي آخر، وأن من تقوم بتدريبهم أميركا ودول الجوار، والسلاح الذي كانوا يعطونه لإرهابييهم «المعتدلين» بات في يد «داعش» أو يحارب معه ويرتكب كل أشكال الإرهاب، وأن هذا الإصرار من الإدارة الأميركية على تجاهل هذه الحقائق ليس بسبب جهلها بما يجري، وإنما بتخطيط وتعاون وتسهيل منها لرفع وتائر الإجرام والإرهاب والقتل والتدمير على اعتبار أن ذلك يخدم في نهاية المطاف المشروع الأميركي- الإسرائيلي الذي لا يمكن الاستمرار فيه إلا من خلال تدمير الأمن الإقليمي في المنطقة.
إن الإدارة الأميركية تحاول ذر الرماد في العيون من خلال مشاركتها في تحالف دولي يدّعي محاربة «داعش» في العراق، لأن سياساتها المعلنة ودعمها المبطن والواضح للإرهاب يشيران بشكل سافر إلى أن أميركا هي المسؤول الأول عن هذا الخراب الذي بات يهدد العالم، وأنها هي المعطلة للحلول السياسية للأزمة في سورية والأزمات التي اختلقتها في أوكرانيا واليمن وليبيا وغيرها.
لكن ذلك لا يعني أن أميركا ستنجح في تنفيذ مخططاتها الإجرامية، فإرادة الشعب السوري وإرادة الأصدقاء الشرفاء حول العالم لابد أن تنتصر وترد الكيد إلى صدور الكائدين.
بقلم: محي الدين المحمد