بات العالم يقترب من الإقرار بحقيقة أن الحرب الإرهابية على سورية هي حرب على أمن المنطقة وما حولها، وأن داعمي وممولي هذه الحرب يتلاعبون بالسلم والأمن العالميين تنفيذاً لأهداف استعمارية وأطماع تسلطية تقوم على الهيمنة ونهب الثروات وتحقيق مصالح خاصة.
ولعل ما حدث في باريس مؤخراً وقبله ما حدث في سيدني من هجمات إرهابية ساهم في دفع الكثيرين إلى إعادة تقويم حساباتهم السياسية فيما يتعلق بالحرب الإرهابية على سورية بعد أن اقتنعوا بأن الإرهاب عابر للحدود وأن الإرهابيين لابد في النهاية إلاّ أن يعودوا إلى مواطنهم الأصلية، وهو ما أكده أول من أمس وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في معرض حديثه عن الاعتداء الإرهابي الذي استهدف صحيفة «شارلي إيبدو» إذ قال: إن الإرهابيين الذين نفذوا الهجوم كانوا في صفوف التنظيمات الإرهابية في سورية.
هذه الصحوة العالمية الجزئية والمتأخرة جداً لاتزال أكثر من خجولة ولم تقترب من الدول والقوى المتطرفة الداعمة للإرهاب وبالأخص فرنسا والسعودية وقطر وتركيا إضافة إلى «إسرائيل».
فالحكومة الفرنسية على سبيل المثال وإلى عشية جريمة «شارلي إيبدو» تعلن عن برامج لتسليح المجموعات الإرهابية التي تسميها «معارضة معتدلة» في سورية، بينما الرئيس هولاند يتباهى بهذا التسليح ويصفه بأنه أقل ما يمكن تقديمه لهذه «المعارضة المعتدلة» التي لا وجود لها على الأرض أصلاً والتي تُتخذ غطاء لإيصال الأسلحة للمجموعات الإرهابية المتمثلة بـ«داعش» و«النصرة» و«الجبهة الإسلامية» وهي كلها من أخوات أو فروع تنظيم «القاعدة» الإرهابي.
والأمر ذاته ينطبق على تركيا، فلماذا هذا السكوت عنها وهي الخزان الأساسي لتجميع الإرهابيين في المنطقة والإقليم؟ والأدلة على ذلك واضحة ومثبتة ومعروفة ولا تحتاج إلى براهين للتدليل عليها.
وإذا كانت السعودية منبع الإرهاب كونها موطن الفكر الوهابي التكفيري الذي يعتمده الإرهابيون لتنفيذ جرائمهم، فإن حكومة حزب «العدالة والتنمية» في تركيا حولت تركيا إلى خزان للإرهابيين بدءاً من «جبهة النصرة» و«الإخوان المسلمين» وغيرهم.
ولماذا السكوت كذلك عن قطر؟ هذه الإمارة التي تضخ جزءاً كبيراً من أموال النفط والغاز للإرهابيين، وكذلك «إسرائيل» التي تعمل مباشرة معهم.
لذلك لا بد من القول والتأكيد أن مكافحة الإرهاب مهمة عالمية وليست سورية أو عراقية فقط وإلا فإن هذه الآفة ستواصل التوالد والتمدد.
بقلم: عز الدين الدرويش