ما يقبله الشعب السوري

بات اللقاء التشاوري المرتقب في موسكو فرصة جديدة لإعادة المسار السياسي إلى الطاولة، وخاصة أن هناك بعض الانفراجات الدولية تجاه الأزمة في سورية «وإن كانت محدودة».. ومع أننا لا نراهن كثيراً على دور إيجابي من الأطراف الدولية التي استجلبت الإرهابيين إلى سورية لكننا في الوقت نفسه نعلم أن توقف تلك الدول عن دعم الإرهاب بشكل مباشر، والإعلان ولو ظاهرياً عن مكافحتها له يعتبر أحد المتغيرات ذلك لأن الرأي الشعبي العام في تلك الدول بات أكثر ضغطاً على الحكومات الغربية المتورطة في تأجيج نيران الأزمة لتغيير مواقفها.

لقد أدرك العالم أجمع، وكذلك الدول الراعية للمؤامرة والإرهاب في سورية أن جميع الوسائل التي استخدمت لـ«إسقاط» الدولة قد فشلت رغم كل الجراح والمآسي والخسائر المادية والبشرية التي تكبدها الشعب السوري.. فشلت محاولاتهم باستصدار قرارات من مجلس الأمن تستبيح سورية على غرار ليبيا وفشلت محاولاتهم بتوجيه ضربة عسكرية أمريكية، كما فشلت محاولاتهم في توجيه الإرهاب العالمي واستجلابه إلى سورية في تغيير قناعات السوريين التي لا يمكن أن تقبل بفرض وقائع لا تتناسب مع تطلعاتهم في الحفاظ على وحدة سورية وسيادتها وقرارها المستقل بغض النظر عن حجم القوة العسكرية والاقتصادية والسياسية والإرهابية المستخدمة لفرض تلك الأحلام التي يعمل الغرب على تنفيذها.

إن فرص النجاح للقاء التشاوري المزمع عقده في موسكو هو مناسبة حقيقية لبعض المعارضات لإعادة النظر في مواقفها وفي مراهناتها، وأن تركز جهودها فعلاً للعودة إلى العقل والمنطق في تحديد الأهداف المرجوة من اللقاء التشاوري في موسكو أو حتى من لقاءات أو مؤتمرات أو مبادرات أخرى وعليهم أن يعلموا أيضاً أن أي جهد سياسي لا يمكن أن يفرض على الشعب السوري حلولاً لا تتوافق مع تطلعاته ومع ميثاق الأمم المتحدة التي تؤكد على سيادة الدول وعلى عدم التدخل في شؤونها الداخلية.

إن المسار السياسي هو الطريق الوحيد الذي ينهي الأزمة، والمسار السياسي كما يراه السوريون هو إشراك القوى السياسية ذات التوجهات الوطنية في مواقع اتخاذ القرار وليس تسليم السلطة من طرف لآخر… مع الأمل مرة أخرى أن يرعوي المراهنون على الإرهاب وعلى حمل السلاح في وجه الدولة عن مراهناتهم.. لأن تلك المراهنات المتوافقة مع إرهاب الدولة الذي تمارسه أمريكا، وإرهاب العصابات الذي يمارسه «داعش» وغيره من التنظيمات الإرهابية لا يمكن أن تحقق لهؤلاء الواهمين أحلامهم.

بقلم: محي الدين المحمد