السويداء-سانا
تكامل إتقان الكاتب السوري حسين ورور لاستعمال الإبرة في مهنة الخياطة المرافقة له منذ ستين عاما مع مهاراته باستخدام القلم في صناعة منتج أدبي جمع بين الشعر والقصة والمسرح اضافة إلى العمل الصحفي والكتابة الدرامية الإذاعية والتلفزيونية.
وتستند تجربة ورور في مضامينها إلى بعد ثقافي وروح إنسانية فياضة بالمشاعر وحب للوطن والأرض عاكسة عبر ما قدم خلالها حالة إنسان يؤمن بقوة الكلمة وتأثيرها وجمالية الحرف وتوضعه ومعنى الحياة وروعتها وأصالة الانتماء وأهميته وقيمة الشيء ورمزيته.
وينقلك ورور الذي اكتفى بالحصول على الشهادة الثانوية تعليميا من خلال أماكن سكنه التي شملت دمشق وريفها والسويداء إلى ذاكرة متنوعة حملت في طياتها الكثير من القضايا ذات الطابع الوطني والإنساني والأحداث والقصص الجميلة والحزينة والتي وظفها في كتاباته بقوالب الأديب والصحفي الباحث عن الحقيقة والمدافع عن كلمة الحق.
وتبرز في أعمال ورور مجموعة كتب منها في القصة القصيرة فتاة حي الورد وإصدار خاص وعريس وعروسة الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق والكتاب المسرحي أورفيوس الصادر عن وزارة الثقافة والمجموعة الشعرية علا وحارس الماء والتشكيل الملحمي الشعري إنانا إضافة لتأليفه تمثيليتين تلفزيونيتين الأولى بعنوان الحياة تبدأ غدا يعكس فيها نضال الطبقة العاملة أيام ثورة آذار والثانية شجرة المحبة التي تدور حول صراع الأجيال فضلا عن كتابته أكثر من عشرين مسلسلا وتمثيلية إذاعية منها بائع السكاكر والورد والهالوك ومالفا وساطعة كالشمس وكذلك نص مسرحي بعنوان إصابة عمل دل فيه على البيروقراطية في العمل الإداري وتم عرضه في السويداء عشرات المرات.
ويدون ورور في سجله رصيدا صحفيا هاما من خلال عمله سابقا محررا في جريدة نضال الفلاحين ومراسلا لجريدة الأنباء الكويتية وعضوا في هيئة تحرير مجلة رومانسية في دبي وكاتبا لزاوية صباح الخير في جريدة البعث لمدة عام وناشرا للعديد من القصص والمقالات في الصحف والمجلات المحلية والعربية مثل الثورة وتشرين والبعث ومجلة الوحدة التي كانت تصدر بالمغرب والرافد في الشارقة إضافة لتأسيسه عام 1979 في السويداء مع الكاتب رياض دويعر تجمعاً أدبياً أقاما فيه فعاليات ثقافية واستضافا فيه أدباء سوريين وعرباً.
ولدى الكاتب ورور اليوم مجموعة من الكتب قيد النشر منها رواية عبور السديم والمجموعة الشعرية رومانسيات لمارثيا زوجة الإمبراطور فيليب العربي الذي لا يعرف مصيرها أحدا ومجموعة أحوال الزهر التي تتناول الحرب الكونية على سورية والدراسات النقدية للأدب العربي المعاصر ونظرية جديدة في النقد الأدبي بعنوان الطيف في الفضاء الروائي والتي يعمل عليها منذ 16 عاما وغيرها الكثير.
ويقول ورور “الكتابة تشعره بأنه حي ويتنفس هواء نقيا وتخلصه من كامل الشحنات الضاغطة عليه مشكلة مع المطالعة التي ترافقه بشكل يومي جزءا من دمه لا يستطيع العيش بدونهما”.
ويرى الكاتب حسين بأن الأدب ملأ الفراغ الروحي لديه وأوصله إلى حالة من التوازن في شخصيته واصفا علاقته مع الكلمة الأدبية بالصداقة الجميلة الحية الخالية من الحواجز والأسوار لكونها ليست كأي كلمة مكتوبة فهي لا تمد له لسانا بل تمد له خيالا جميلا أو متعة توصله إلى ما يريد بشكل عفوي.
ويبين الأديب ورور الذي نشأ في بيئة ريفية فقيرة وانتقل من العمل بالأرض والمحراث وقساوته إلى الصحافة “إن الأخيرة عرفته جيدا بتفاصيل المجتمع السوري الحامل من الأصالة والتنوع الثقافي ما لم يحمله شعب بالتاريخ وأفادته بمنتجه الأدبي أكثر مما أفاده الأدب بعمله الصحفي”.
ويجد ورور في القلم رفيق الدرب سندا لجدران روحه كلما مالت وهددتها العواصف بالانهيار وعكازا يتكئ عليه للتواصل مع أصدقائه الذين لم يبيعوا أقلامهم ويكسروها في هذا الزمن الصعب الذي يمر به الوطن والتي تكالب عليه الأعداء من كل حد وصوب.
كما يجد أديبنا في مهنة الخياطة التي مازال يمارسها ليومنا هذا حضنا دافئا يمنحه التأمل الذي يساعده في إعادة ترتيب أفكاره كأديب معطية إياه فرصة لإجراء المقارنات ورؤية المتناقضات والمتضادات مقدمة له الأجوبة الصحيحة إلى درجة ما لأسئلة قد يكون البحث عن أجوبتها طال كثيرا.
ويشير ورور إلى أن العديد من النصوص التي يخطها في الذاكرة اليومية وهو يعمل خلف ماكينة الخياطة يلغيها أو يحذف منها أو يشطبها لكن حين تتاح له الفرصة لصياغة ما فكر فيه يأتي النص أكثر انسجاما وعقلانية مع ما يريد له أن يكون.
ولتداخل الألوان وتدرجها وحرارة الأقمشة وبرودتها ومتانة الخيوط وضعفها التي يشاهدها ويلمسها ورور يوميا تأثير في أدبه كونها تعرفه بكل أشكال البشر وأمزجتهم وبما ينقلوه من أخبار طازجة عن المجتمع بحلوها ومرها.
ورغم اقتراب الكاتب ورور من عمر 74 عاما بعد تجربة غنية يعتبر نفسه كما يقول طالبا يتعلم مهنة الخياطة وأصول الكتابة في بحر مدرسة الحياة الكبير ويعمل يوميا على إعادة حساباته مع الزمن متفائلا كأنه سيعيش أبدا دون أن يموت.
ويلفت عضو مجلس فرع اتحاد الكتاب العرب بالسويداء الأديب والشاعر جهاد الأحمدية إلى أن الكاتب والأديب ورور اشتغل على موهبته منذ أول رحلته في هذا المجال فأصبح كاتبا كبيرا أجاد الكتابة في كافة الأجناس الأدبية وكان مشعلا أنار الطريق أمام العديد من أدباء السويداء وأخذ بيدهم في بداية تجاربهم.
ويعتبر الأحمدية أن ورور صاحب إنتاج أدبي غزير ليس على حساب الجودة وهو من الأدباء الذين ظلموا إعلاميا قياسا بجهده ونتاجه حيث لم تأخذ أعماله الحق الكامل التي تستحقها وخاصة أنه شخص لا يهمه كثيرا تسليط الأضواء عليه لكونه ينأى بنفسه عن الشهرة.
يذكر أن ورور نال جائزتين بالقصة القصيرة من صحيفتي البعث وتشرين عن قصتيه نزيل قصر النمارة وفتاة حي الورد وجائزة على المستوى العربي طرحها النادي الأرمني بحلب عن قصته بعنوان حرائق صغيرة إلى جانب جوائز أخرى وشهادات تقدير من جهات عديدة.
عمر الطويل