دمشق-سانا
اجتماع جديد للدول الموقعة على الاتفاق النووي مع إيران عقد في العاصمة النمساوية فيينا التي أبصر فيها الاتفاق النور قبل أربع سنوات وذلك في مسعى للحفاظ عليه رغم انسحاب واشنطن الأحادي منه في أيار العام الماضي وما تبعه من تصعيد أمريكي عبر إعادة العمل بالعقوبات الأحادية ضد طهران ما أدى إلى حالة من التوتر في منطقة الخليج.
الاجتماع الذي تشارك فيه إيران وروسيا والصين والدول الأوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاق “بريطانيا وفرنسا وألمانيا” على مستوى المساعدين والمديرين العامين السياسيين لهذه الدول إضافة إلى مندوبة الاتحاد الأوروبي يأتي وسط أجواء من التوتر والتصعيد التي خلقتها واشنطن جراء إجراءاتها الاقتصادية الجائرة التي فرضتها على إيران عقب الانسحاب من الاتفاق النووي.
الاجتماع الاستثنائي الرامي لإنقاذ الاتفاق النووي ترأسته الأمين العام لخدمة العمل الخارجي الأوروبي هيلغا شميد التي تمثل مفوضة السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني لبحث القضايا المرتبطة بتنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة.
التصريحات الإيرانية عقب الاجتماع بدت متفائلة حيث وصف مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية عباس عراقجي الاجتماع بالبناء وقال إن “المناقشات جيدة ولا يمكنني القول أننا سوينا كل الأمور لكن هناك الكثير من التعهدات” مشيرا في الوقت ذاته إلى أن طهران ستواصل تقليص التزاماتها النووية إذا أخفق الأوروبيون في إنقاذ الاتفاق ومبينا أنه لا ينبغي على الدول الأعضاء في الاتفاق أن تخلق عقبات أمام صادرات النفط الإيرانية.
من جهته مندوب روسيا الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا ميخائيل أوليانوف أكد أن الولايات المتحدة تقوض الاتفاق النووي الموقع مع إيران مشيرا إلى أن الأطراف الأخرى في الاتفاق أكدت تمسكها به رغم الاجراءات الأمريكية بينما شدد رئيس الوفد الصيني المشارك في اجتماع فيينا بدوره على أن كل الأطراف تريد حماية الاتفاق النووي مع إيران وعبرت عن معارضتها الشديدة للموقف الأمريكي.
اجتماع الأطراف الدولية ذات الصلة بالاتفاق النووي يهدف إلى إيجاد طريقة للالتفاف على العقوبات الأمريكية على طهران ومن بينها وقف منح الاعفاءات من حظر استيراد النفط الإيراني وهو يأتي بعد أشهر من التحذيرات الإيرانية للدول الأوروبية من المماطلة في تنفيذ التزاماتها تجاه الاتفاق وخاصة فيما يتعلق بالآلية المالية “انستيكس” التي تضمن المبادلات المالية والتجارية بين الجانبين.
إيران التي شددت دائما على تمسكها بالاتفاق النووي دعت أكثر من مرة الدول الأوروبية إلى تنفيذ التزاماتها بشكل كامل في إطاره وحذرتها من عرقلة تصدير منتجاتها النفطية مشيرة إلى أن الجانب الأوروبي لم يظهر الجدية الكافية تجاه التزاماته المنصوص عليها في الاتفاق إلا أن طهران تأمل في الوقت ذاته من الاجتماع الحالي بأن تتعهد الدول الأوروبية بمواصلة العمل في تنفيذ الاتفاق والحفاظ عليه نظرا للأهمية والآثار الاقتصادية والسياسية الكبيرة التي حققتها منذ التوقيع عليه في تموز من العام 2015.
مراقبون يرون أن التعثر الحاصل في مسيرة الاتفاق النووي لم يكن ليحصل لولا قرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق الذي يعتبر وثيقة دولية أقرها مجلس الأمن الدولي بالإجماع بالقرار رقم 2231 عام 2015 حيث كان الانسحاب الأمريكي بمثابة ضربة أضرت به وأعادت المنطقة إلى أجواء التوتر والتصعيد دون الأخذ بعين الاعتبار مصالح الأطراف الأخرى الموقعة عليه.