الشريط الإخباري

المشروع التقسيمي.. والصمود السوري

هل يجد التحذير الذي تلقّاه الرئيس أوباما من خصومه في الحزب الجمهوري على خلفية سيطرتهم المطلقة على الكونغرس، بما يعنيه ذلك من السيطرة على السلطة التشريعية خلال السنتين المقبلتين اللتين تنتهي بهما ولايته أذناً مصغية؟

وهنا يبرز السؤال الآتي: كيف سيتصرف الرئيس أوباما خلال الفترة المقبلة، ولاسيما بعد إعلان استراتيجيته ذات الوجهين في حربه المزعومة على الإرهاب في المنطقة؟

وإذا كانت الأسباب الداخلية التي أدت إلى انحسار وتراجع شعبية أوباما، وما يتعلق منها بإدارة أو سياسة البنية التحتية الأمريكية أو الخدمات لا تدخل في حساباتنا، ولا تهمّنا، فإن ما يهمنا هنا هو التوقف ملياً عند السياسة الخارجية التي سيصدر قراراتها، ويسوسها الفائزون المسيطرون من الجمهوريين.. ولعل الأهم فيها، حسب المراقبين، ما يتعلق منها بهذه المنطقة، ولاسيما الأزمة في سورية، والحرب التي أشعلها وأذكى أوارها الغرب.. وإذا كان المحللون قد وقعوا في فخّ التشاؤم والتحليل بالمقارنة بين جمهوريين وديمقراطيين، فإن القول الذي لابدّ منه، هو أن الطرفين أو الحزبين «الجمهوري والديمقراطي» هما وجهان لعملة واحدة هي اللوبي الصهيوني الممسك بزمام القرار الأمريكي بنفوذه اللامحدود، وغير المشروط إلا بتنفيذ أجندة معينة، واستراتيجية مخططّة، ومدروسة، للسياسة الأمريكية، تضع كل نقاط الاختلاف والخلاف جانباً، وعلى طبق واحد عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية خدمةً للبعد الاستراتيجي الاقتصادي الأمريكي والهيمنة على العالم أولاً.

والهدف، بالنسبة إلى الحرب وماهيتها، ودور المحافظين الجدد فيها هو الانفراد والسيطرة على العالم والهيمنة من خلال الترويج والتخطيط لديمقراطيات «ربيعية» تهدف إلى السيطرة على مصادر الطاقة والموارد الطبيعية والإطباق عليها، ولاسيما بعد سقوط نظرية أمريكا في سياسة «الاحتواء المزدوج»، فالمتابع لتلك الحرب وماهيتها الحالية يجدها واحدةً، بسيناريوهات مئوية منوّعة يصوغها اللوبي الصهيوني المتحكّم بالقرار الأمريكي.. ومن هنا، لا يهمّ في السياسة الخارجية الأمريكية مَنْ يشرّع القرار، ويمسك بعنقه من أيّ الحزبين كان، لأنهما في النتيجة منفذان لسياسة واحدة، وهذا ما حصل في عهد الرؤساء السابقين والحالي وما سيحصل في عهد من سيأتي رئيساً لاحقاً للولايات المتحدة الأمريكية.. فالكلّ يتصارع للهيمنة وتثبيت فرض القوة الأحادية على دول المنطقة، وللأسف بمساعدة هذه الدول التي لا تعي أن الغرب لا يهمه منها إلا مصالحه وسيطرته على مقدرات هذه المنطقة، مهما كان الثمن المدفوع باهظاً، وها هو الثمن المدفوع اليوم يأتي على حساب تدمير وتقسيم المنطقة وسفك دماء أهلها، وقد ارتفعت في الفاتورة نسبة الدم العربي، وبات بعض الحكام العرب يحمون عروشهم على أكوام جثث الشهداء من إخوتهم العرب غير مبالين، بل إنهم الأداة الأقوى في تنفيذ الأجندة الاستعمارية الجديدة التي يرى الغرب بموجبها أن إشعال المنطقة وتقسيمها طائفياً هو النتيجة الأسلم للسيطرة والهيمنة عليها بعد فشل جميع الاستراتيجيات السابقة.

ومن هنا، فإن السياسة الخارجية الغربية، وضمنها الأمريكية، لم تأتِ تلافياً للسياسات السابقة، بقدر ما أتت تجميلاً ومتابعةً لها، وما الحرب المعلنة الآن بذريعة القضاء على الإرهاب إلا جولة جديدة للهيمنة على مستقبل المنطقة، وهو ما عبّر عنه الرئيس أوباما بجملته الشهيرة: «نعم نستطيع»، أي نستطيع التغيير، عندما ربط مستقبل أمريكا بهذه المنطقة.. إذاً، المستقبل الأمريكي هو الذي سيحدّد ما الذي يريده مَنْ يجلس على كرسي «بيت الحرية الأبيض»، وهو الذي سيحدّد وجهة الشعلة في يد تمثاله المزيف المرتفع كالفزاعة «الديمقراطية» في وجه شعوب العالم والمنطقة.

في المنطقة، اهتزت دول، ودخلت أخرى في الفوضى، ووحدها سورية وقفت في وجه السياسة الأمريكية: «المشروع المرسوم، والإرهاب المصنّع للمصالح»، وفرملت الأهداف، والغايات، لكل أقطاب المؤامرة، بقوة الضربة الثلاثية: الجيش والشعب والقائد، وتنتظر من شعوب المنطقة النائمة الاستيقاظ والتحرّك لمواجهة الإرهاب الذي عدته تونس أولويةً بعد فوز حزب النداء فيها.. ألم تكن سورية تملك كلّ الحق عندما استبقت الجميع وقالت: إن القضاء على الإرهاب هو أولوية العالم، وليس أولوية المنطقة فقط، والعبرة بمن سيتعظ!!

بقلم: رغداء مارديني