يستمر «داعش» في ارتكاب المجازر ضد الشعبين السوري والعراقي، وما إعدام المئات من الأطفال والنساء من عشيرة «البو نمر» العراقية رغم فظاعتها إلا إضافة تراكمية للإجرام الذي يمارسه هذا التنظيم والتنظيمات الإرهابية الأخرى في كل مكان وصلت إليه إذ لا دين ولا قيم ولا مشاعر… ولا أي حوادث مماثلة عبر تاريخ الإجرام البشري للإجرام الذي يعايشه العالم الآن.
ما تفعله عصابات «داعش» ليس موجهاً ضد عشيرة أو قبيلة أو طائفة أو أقلية أو أكثرية، وإنما إرهاب يجب أن يتوقعه كل من يقع على طريق هذا الاجتياح الهمجي للذين لا يوفرون البشر ولا الحجر.. ومع كل هذا وذاك لا يزال «التحالف الدولي» المزعوم الذي شكلته الإدارة الأمريكية يعتمد أصلاً على أولئك الذين زودوا «داعش» وغيره من التنظيمات التكفيرية بالمال والسلاح والمقاتلين والفتاوى التكفيرية.. وهذا ما ينعكس مباشرة على الأرض.. توسع للمجموعات الإرهابية تحت أجنحة الضربات الجوية الاستعراضية التي مضى على تنفيذها أسابيع تجاوزت في مدتها الزمنية ما استغرقته عمليتا غزو أفغانستان والعراق معاً.. ما يجعلنا نطرح السؤال من جديد: ما فائدة هذا التحالف؟ وهل تم تشكيله للقضاء على «داعش» أم لتوجيه إرهابه بعيداً عن خطوط التماس مع المصالح الأمريكية في كردستان العراق وفي السعودية وإبعاده عن دول الخليج الأخرى؟.
حتى الآن لم يخرج التحالف المزعوم عن الاتهامات التي تم توجيهها له من روسيا والصين وإيران وسورية لأنه ورغم عشرات الضربات الجوية لم يحدث النتائج المرجوة لمصلحة الأبرياء الذين يدافعون عن حياتهم وحياة أسرهم في سورية والعراق، وربما لن يحدث النتائج الإيجابية إذا لم تتم إعادة تشكيله بإشراف مباشر من مجلس الأمن وبعد تقويم موضوعي للدول التي تحارب الإرهاب فعلاً لإشراكها في هذا التحالف وللدول التي تدعم الإرهاب لإبعادها عنه، بل مواجهتها أيضاً.. فالحرب ضد الإرهاب لا تحتمل ازدواجية المواقف التي نراها من حكام الرياض والدوحة وأنقرة وواشنطن، ولا حتى أنصاف المواقف وأنصاف الحلول.
فالتحالف الأمريكي حتى الآن يسهم في إطالة عمر الإرهابيين وفي استقطاب المزيد منهم حيث أكدت التقارير الاستخباراتية الأمريكية أن حوالي ألف إرهابي ما زالوا يتدفقون إلى سورية شهرياً، ومعظم هؤلاء يدخلون سورية والعراق بدعم مباشر من دول انضوت في ذلك التحالف سيئ الصيت.. وهذا ما يجعلنا نتساءل من جديد: هل تم تشكيل «التحالف» من أجل محاربة الإرهاب أم من أجل مناصرته؟.
محي الدين المحمد