باريس-سانا
تتواصل الاحتجاجات في فرنسا في واحدة من أسوأ الأزمات تشهدها البلاد في الآونة الأخيرة في تحد للرئيس إيمانويل ماكرون ولسياساته الاقتصادية الفاشلة منذ انتخابه رئيسا للبلاد.
الاحتجاجات التي قادها أصحاب السترات الصفراء هي الثالثة على التوالي والتي تجري نهاية كل أسبوع والتي بدأت الشهر الماضي مع سائقي السيارات الذين أعربوا عن انزعاجهم من رفع ضريبة الوقود قبل أن تتنامى تلك الاحتجاجات لتشمل شكاوى حول إهمال ماكرون لمشكلات الفرنسيين البسطاء حيث حظيت حركتهم بدعم شعبي واسع.
حركة “السترات الصفراء” التي ضمت مختلف الأطياف السياسية والاجتماعية احتشدت احتجاجا على تقلص قوة الإنفاق والتفاوت الاقتصادي في البلاد حيث لقيت امرأة مصرعها خلال احتجاجات السبت الماضي الذي سمي بالسبت الأسود في العاصمة باريس.
عدد القتلى بلغ ثلاثة أشخاص منذ بدء المظاهرات وأصيب أكثر من 130 شخصا بجروح واعتقل 412 آخرين خلال احتجاجات السبت وفق الشرطة الفرنسية التي ردت باستخدام الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه وأغلقت عشرات الشوارع ومحطات المترو لاحتواء أعمال الشغب.
كريستوف تشالونسون المتحدث باسم حركة “السترات الصفراء” دعا اليوم الحكومة إلى الاستقالة بعدما تخطى عدد الذين شاركوا في الاحتجاجات 150 ألف شخص في أنحاء فرنسا يوم الأحد الماضي ما يدل على الدعم الواسع الذي حظيت به حركة “السترات الصفراء”.
المسعفون الفرنسيون انضموا إلى الاحتجاجات المناهضة للحكومة وتجمعوا بالقرب من الجمعية الوطنية وسط باريس احتجاجا على ظروف العمل في الوقت الذي كان فيه رئيس الوزراء الفرنسي ادوارد فيليب يعقد اجتماعا مع ممثلين عن الأحزاب السياسية الرئيسية في محاولة لتهدئة الغضب عقب أعمال الشغب التي هزت العاصمة قبل اجتماعه مع ممثلين عن حركة السترات الصفراء يوم غد الثلاثاء.
عشرات سيارات الإسعاف قامت بسد الجسر المؤدي إلى الجمعية الوطنية بينما احتشدت شرطة مكافحة الشغب تحت المطر لمنع المحتجين من الاقتراب من المبنى.
وخلال احتجاجات اليوم أضرم المتظاهرون النيران وأغلقوا الطرقات ورفع أحد المتظاهرين لافتة كتب عليها “الدولة قتلتني” فيما هتف آخرون مطالبين باستقالة ماكرون.
زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان التي حضرت الاجتماع دعت ماكرون إلى إلغاء الزيادات في أسعار الوقود وخفض أسعار الغاز والكهرباء وإنهاء تجميد الحد الأدنى للأجور والحد الأدنى للمعاشات.
وعلى الجبهة المقابلة عقد ماكرون اجتماعا أمنيا عاجلا ورغم أن الوزراء قالوا أنه لم يتم استبعاد أي خيار إلا أنه لم تتم مناقشة فرض حالة طوارئ خلال المحادثات.
الطلاب أيضا لم يتوانوا في دعم حركة الاحتجاج وأفادت وسائل إعلام فرنسية أن طلابا من نحو مئة مدرسة ثانوية في جميع أنحاء البلاد خرجوا ضد الإصلاحات التعليمية والامتحانات وقاموا بإغلاق الطرقات المؤدية إلى العديد من المدارس.
سياسات ماكرون العبثية الداخلية والخارجية وأخطاؤه الجسيمة قوبلت بمواجهة حادة حولت أجزاء من فرنسا إلى ساحة حرب حقيقية مع هبوط شعبيته إلى أقل من 30 بالمئة ولم يتراجع تعاطف الفرنسيين مع الحركة منذ الأيام الأولى للأحداث في 24 تشرين الثاني في باريس وأكد 84 بالمئة من الأشخاص الذين استطلعت آراؤهم في آخر استطلاع للرأي نظم بتاريخ 27 و28 تشرين الثاني دعمهم لحركة السترات الصفراء واعتبروها مبررة.