ريف دمشق-سانا
على قدم وساق تستكمل كوادر مدينة عدرا الصناعية أعمال تعزيل الأوحال والطمي من بعض المنشآت التي غمرتها المياه متجاوزة ما حصل من إرباك محدود في أحد قطاعاتها حيث عادت المنشآت للعمل كلياً أو جزئياً بينما تتطلع إدارة المدينة إلى تنفيذ خطة استراتيجية لحماية المدينة والمنطقة من أي مخاطر يمكن أن تسببها العواصف المطرية الفجائية مستقبلاً.
وسجل مستوى غير مسبوق من المياه المرتفعة في القطاع الخامس من المدينة الصناعية في العشرين من تشرين الأول بسبب الأحوال الجوية ما أدى إلى تشكل السيول ودخول المياه إلى عدد من المنشآت العامة والخاصة في القطاع الخامس من المدينة الصناعية وغمرها الأقبية والمستودعات والطرقات وتعطل العمل فيها جزئياً كما انقطع التيار الكهربائي لأربع وعشرين ساعة.
المهندس غسان العطار رئيس شعبة الصيانة بالمدينة أشار في لقاء مع مراسلة سانا إلى تضرر خمس منشآت بشكل جزئي بعضها عاد إلى العمل مباشرة وأخرى عادت جزئياً لافتاً إلى أن الأضرار انحصرت في القطاع الخامس من المدينة الذي داهمه السيل.
ويوضح العطار أن المدينة شهدت حالة من الاستنفار والعمل على مدى 24 ساعة بمساعدة آليات من محافظة ريف دمشق ووزارة الإدارة المحلية والبيئة وقال: “تكاتفنا لإزالة الأتربة وإعادة الروح إلى المنشآت”.
ولفت العطار إلى أن المدينة مجهزة بخطوط صرف صحي مع خط صرف عام لاستقبال كميات من الأمطار إنما ما حدث في العاصفة الماضية كان كميات كبيرة غمرت المدينة بلحظات فاقت طاقة المصارف على استيعابها دفعة واحدة.
المهندس سموءل أحمد رئيس دائرة البيئة بالمدينة قال: ” مهمتنا ككادر فني العمل قدر الإمكان للتخفيف من الضرر الحاصل والمساعدة بتنظيف المنشآت مقدراً أنه خلال ايام سترجع الأمور كما كانت عليه”.
السيل الذي باغت المدينة في الليل تكشف عن هول قوته الأوحال المكومة في باحة معمل لتصنيع أوان بلاستيكية حيث مازال السور الذي يزنر المعمل ملطخاً بالوحل بارتفاع متر ونصف المتر.
في معمل لتصنيع الألمنيوم رمت المياه الجارفة بالباب الرئيسي الحديدي إلى جهة أخرى وغمرت أحد المستودعات وظلت المضخات تعمل بسحب المياه لأربعة أيام والآليات مستمرة بتعزيل الطين.
ويشير المدير الإداري في المعمل مظفر سليم إلى كميات من الألمنيوم قائلاً: “يترتب علينا إعادة صهرها.. يتعذر تسويقها بالحال الذي أصبحت عليه” مسترجعاً ما حدث وكيف أن مياه السيل اكتسحت كمية من المواد الأولية وأخرى منتجة والمعدات ومولدات الكهرباء إلا أن مؤازرة إدارة المدينة بكامل طاقمها الهندسي والفني سرع من عملية إعادة العمل إلى بعض الأقسام .
محطات الكهرباء التي تزود المدينة الصناعية بالكهرباء غمرتها السيول ونتيجة لذلك خرجت من الخدمة لكن كما يقول المهندس العطار: ” على وجه السرعة أعاد كادر المدينة عمل محطات الكهرباء وتأمين التيار لباقي المنشآت التي لم تتضرر” .
تكاتف الجهود العاملة في المدينة وإناطة كل جهة بمسؤولياتها شكل حالة صحية وساعد في احتواء الأضرار كما يقول العقيد علي بدور قائد فوج الأطفاء في المدينة وهو يقف إلى جانب مبنى مخبر قيد الإنشاء: ” بالدرجة الأولى عملنا على إنقاذ الأشخاص المحاصرين بالمياه ومن ثم سحب المياه من المنشآت التي تضررت.. ما بقي مستوى بسيط من الطمي ولدينا جاهزية كاملة لسحبها بما يمهد لعودة العمل من جديد”.
بالتزامن مع إجراءات إسعافية تقوم بها إدارة المدينة لرفع الضرر عن المنشآت التي وصلها السيل بدء العمل على الفور لإنجاز مشروع استراتيجي لحماية المدينة في وجه أي عواصف وسيول مستقبلاً .
على خريطة توضح تموضع المدينة الصناعية الواقعة شمال شرق دمشق على بعد 42 كم يشير مديرها المهندس فارس فارس إلى طرق توافد السيول قبل 12 يوماً من الجهة الشرقية الشمالية للمدينة مبيناً أنه ضمن المخطط التنظيمي للمدينة تم تنفيذ قناتين لدرء السيول لحمايتها من الجهة الشمالية.
ويلفت فارس إلى أن المنشآت التي تعرضت للضرر بالدرجة الأولى هي البنى التحتية للمدينة بما فيها خطوط الصرف الصحي وشبكات الضخ والأرصفة والطرقات ومحطتا عدرا للكهرباء الأولى والثانية مبيناً أنه بالتنسيق مع وزارة الكهرباء تمت إعادة محطة عدرا الأولى بظرف 12 ساعة إلى الخدمة والمحطة الثانية خلال 24 ساعة.
ويؤكد فارس أنه منذ الساعات الأولى لحدوث السيل تم الكشف الحسي عن المنشآت المتضررة العامة والخاصة وتبع ذلك عقد اجتماع لمجلس المدينة بحضور محافظ ريف دمشق ووزير الموارد المائية نتج عنه تشكيل لجان لدرء الكوارث وتقييم الأضرار التي لحقت بالمنشآت.
وبين فارس أن الجهة الشمالية لعدرا الصناعية بحاجة إلى مجاري تصريف كاشفاً أنه تم تشكيل فريق من مديرية الموارد المائية بريف دمشق وإدارة المدينة الصناعية بالتنسيق مع وزارة النقل لتنفيذ مشروع استراتيجي متكامل لحماية المنطقة كاملة ودرء السيول عنها قائلاً: ” أن خط التصريف الأول تمت دراسته لكن بحاجة إلى مسح طبوغرافي لمعرفة مخارج المصارف الرئيسية وخط الصرف الثاني محاذ للمدينة ويلتقيان ويصبان في بحيرة العتيبة ” على أطراف الغوطة الشرقية على بعد 18 كم جنوب المدينة الصناعية.
وأكد فارس ” أنه فور إنجاز الفرق الطبوغرافية الأبعاد والمسارات بشكل كامل ستتم المباشرة بالعمل لتنفيذ المشروع”.
وفي جولة بأرجاء المدينة الممتدة على مساحة سبعة آلاف هكتار لا يكاد يلحظ المرء آثار السيل أمام مشهد الحيوية التي تعيشه وعمال الصيانة يواصلون عملهم لإنجاز ما تبقى من عمل حيث تشهد المدينة حركة متزايدة في 1600 منشأة عاملة وألفي منشأة قيد الإنشاء .
شهيدي عجيب