القدس المحتلة-سانا
تمر غدا الذكرى الأولى بعد المئة لجريمة بريطانيا المتمثلة بوعد بلفور المشؤوم الذي شكل البداية لزرع الكيان الصهيوني على الأرض العربية في الوقت التي يواجه فيه الشعب الفلسطيني اليوم تحديات كبرى لا تقل خطورة عن هذا الوعد وفي مقدمتها ما تسمى “صفقة القرن” الأمريكية الرامية لتصفية القضية الفلسطينية بتواطؤ خليجي وصمت دولي مريب.
هذا الوعد الذي قدمه وزير خارجية بريطانيا آرثر جيمس بلفور إلى اللورد اليهودي ليونيل وولتر دي روتشيلد في الثاني من تشرين الثاني عام 1917 يعد واحدا من أخطر فصول المؤامرات التي حيكت للمنطقة العربية والمتواصلة حتى اليوم بهدف تفتيتها وتدميرها والقضاء على كل مقومات العيش الكريم لأبنائها خدمة للمخططات والأهداف الاستعمارية للدول الغربية ولكيان الاحتلال الإسرائيلي الغاصب.
ومثلما شكل “وعد بلفور” سابقة تاريخية خطيرة حيث منح الأرض الفلسطينية للعصابات الصهيونية وشرد أصحابها الحقيقيين تبرز اليوم ما تسمى “صفقة القرن” التي يحاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرضها على الفلسطينيين.
وجاء إعلان ترامب في كانون الأول الماضي مدينة القدس المحتلة عاصمة لكيان الاحتلال ونقل سفارة بلاده إليها منتصف أيار الماضي بالتزامن مع الذكرى السبعين لنكبة فلسطين لتكون هذه الخطوة حلقة ضمن “صفقة القرن” تبعها قرار وقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” ووقف تمويل المستشفيات الفلسطينية في القدس المحتلة وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن ضمن الانحياز الأمريكي الصارخ لسلطات الاحتلال والاستمرار في السياسات المعادية للشعب الفلسطيني قبل أن يعلن الاحتلال الإسرائيلي ما يسمى “قانون القومية” العنصري الذي لا يعترف إلا باليهود ويتضمن المساس باللغة العربية وجعلها لغة ثانوية كما يكرس احتلال القدس وينكر وجود الآخر لإبعاد الفلسطينيين عن دولتهم الأزلية فلسطين المحتلة.
وعد بلفور المشؤوم تكرس واقعاً في عام 1948 عبر إقامة كيان الاحتلال الاسرائيلي بدعم وتسهيل وتآمر من الاحتلال البريطاني لتبدأ نكبة الشعب الفلسطيني الذي لا يزال يعيش الآثار الكارثية التي تمخضت عن هذا الوعد وما تبعه من تداعيات حيث يواصل الكيان الإسرائيلي اليوم جرائمه واعتداءاته بحق الشعب الفلسطيني الذي بدأ في الثلاثين من آذار الماضي مسيرات العودة الكبرى الأسبوعية للتأكيد على تمسكه بأرضه وحقوقه وفي مقدمتها حق العودة وإقامة دولته المستقلة على أرضه ورفضه ما تسمى “صفقة القرن” وكل مخططات الاحتلال التهويدية التي لن تمر فيما يستمر الاحتلال بقمع هذه المسيرات بالرصاص ما أسفر عن استشهاد 215 فلسطينيا وإصابة أكثر من 23 ألفا بجروح وحالات اختناق.
الوعد المشؤوم وما تبعه من خطوات يشكل جزءا من المؤامرة الكبرى التي حاكتها وتحيكها الدول الغربية الاستعمارية ضد منطقتنا العربية والتي تستمر حتى اليوم وتتمظهر بأشكال مختلفة من بينها استهداف الدول المتمسكة بالحقوق والثوابت القومية وفي مقدمتها سورية التي تعرضت وتتعرض لكل أنواع التضييق والحصار والحرب لدورها الأساسي في دعم الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة ومقاومتها في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وداعميه والمخططات الهادفة إلى الهيمنة على هذه المنطقة وستفشل الشعوب الحرة المقاومة ما تسعى القوى المتآمرة لتحقيقه حيث يواصل الشعب الفلسطيني صموده ومقاومته وتجذره في أرضه كما تستمر سورية في صمودها ومواجهتها للحرب الإرهابية ولكل المؤءامرات التي تتعرض لها على مدى السنوات الماضية وسيكون النصر حليف هذه الشعوب مهما كانت التضحيات.