دمشق-سانا
يفتر وجهها عن ابتسامة عريضة وهي تغادر قطار الفرح بعد رحلة قصيرة جمعتها مع ابنها وزوجته إلى جانب عائلات أخرى جالت في جنبات معرض دمشق الدولي تاركة الفرح يكمل طريقه مع مجموعات أخرى.
ترد أم خلدون على سؤال مراسلة سانا إن كانت استمتعت برحلة القطار الترفيهي داخل المعرض قائلة “الرحلة حلوة جدا لكن الأجرة غالية والمسافة قصيرة.. روحة ورجعة كنت أتمنى يدور أكتر لأني لا أستطيع المشي”.
وتجول عدة قطارات بسيطة الشكل مؤلفة من عربتين يقضي الركاب على متنها وقتا ممتعا على أنغام الموسيقى والأغاني لمدة عشر دقائق مقابل مئة ليرة للراكب.
تأفف أم خلدون من غلاء تذكرة ركوب القطار الترفيهي المخصص للأطفال والعائلات وقصر مسافة مساره لم يقلل من سعادتها بزيارة المعرض لتطلق ضحكة مجلجلة عند سؤءالها عن عمرها مجيبة دون تردد سبعون “كتير المعرض عجبني كل شي حلو.. أول دخولي المعرض شعرت حياتي تجددت”، معربة عن أملها بأن تبقى سورية بخير.
ياسين علي الذي قدم إلى المعرض على كرسي متحرك من مشروع دمر بمساعدة صديقه قال “المواصلات متوافرة لكن بالنسبة للكراسي المتحركة هناك صعوبة بالتنقل ونتمنى ان يتم تخصيص مسارات للمتنقلين على كراسي متحركة”، لافتاً إلى أنه لاقى استقبالاً خاصاً وحفاوة من قبل المنظمين على مدخل المعرض لدى علمهم انه جريح حرب وقال “أبدوا حماساً للمساعدة وهذا مبعث سعادة لنا نحن رجال الجيش”.
علي جندي في الجيش العربي السوري أصيب قبل خمس سنوات أثناء وجوده على الجبهة في درعا وأدت الإصابة بالحبل الشوكي إلى شلل بالجزء السفلي جاء باحثاً عما تعرضه شركات سورية أو أجنبية لأجهزة طبية متطورة تساعده في المشي أو كراسي متحركة يمكنها نزول وصعود الأدراج.
ويتلفت علي وهو على كرسيه ينظر بفرح إلى الناس يتدفقون من حوله يملؤون جنبات المكان صخباً وضجيجاً قائلاً.. “هذا ما كنا نطمح إليه ونقاتل ونضحي من أجله لنرى سورية كما كانت.. الناس يعودون إلى حياتهم الطبيعية يخرجون بأمان ويستمتعون بحياتهم دون خوف”.
أما صديقه هاني محمد جندي في الجيش يقول بينما يدفع كرسي رفيق العمر شاقاً طريقه وسط الزحام “هذا أخي وسندي آمل أن أراه واقفا ويمشي من جديد ويعود إلى الجبهة لنقاتل كتفاً إلى كتف حتى تحرير ما تبقى من أرضنا من الإرهاب”، ويعلق على ما رآه في المعرض “مشهد الناس بعث الفرح في قلبي.. الأطفال يستمتعون بوقتهم مطمئنين مع اهاليهم هذا يقوي عزيمتنا ويدفعنا للاستبسال ليظل وطننا آمنا قويا”.
ويشكل المعرض موعدا للفرح والبهجة للكثيرين لا يتخلفون عنه يقطعون مسافات بعيدة قادمين من محافظات أخرى للفوز بذكريات لا تنسى.. محمد سلام الذي قدم من مدينة جبلة مع زوجته وابنتيه وصلا أمس دمشق ونزلا في أحد الفنادق يقول.. إنهم خططوا لتمضية ثلاثة أيام للاستمتاع بكامل وقتهم قدر الإمكان بمشاهدة كل أجنحة المعرض.. وما لفته من مشاهدات في اليوم الأول من المعرض التنظيم الجيد والأجواء التي تشيع الفرح لكن أكثر ما لفت انتباهه عبارة “حماة الديار عليكم سلام” التي علت بوابة المعرض من الداخل ثم يقول “الجيش يستحق منا كل التكريم.. رجاله بتضحياتهم سمحوا لنا أن نأتي إلى دمشق والمعرض ونستمتع بأيام جميلة”.
أمام مجسم ذهبي لقبضة يد بوضعية إشارة النصر بارتفاع مترين أخذ محمد يلتقط الصور لأطفاله من هاتفه الجوال.. أما علي الذي يعمل مترجما في مفوضية اللاجئين يقول.. إنه اصطحب زوجته وبناته الثلاث إضافة الى بنات جاره الثلاث قادمين من بلدة السيدة زينب بريف دمشق الجنوبي بهدف تقضية وقت ممتع في أرجاء المعرض ويضيف.. “إنه أراد اخذ صور أمام مجسم إشارة النصر لأن سورية تعيش حالياً الانتصار الكبير ولتبقى ذكرى جميلة للسنوات القادمة”.
على مسطح أخضر أمام بركة مياه مستطيلة تتوزع فيها نوافير الماء بنسق واحد جلست أميرة خوام وعائلتها أمامهم سفرة من الفواكه والموالح وتقول أميرة التي لم تفوت موعداً مع المعرض سواء العام الفائت أو دوراته ما قبل الحرب “كل شيء جميل يبعث الشعور بالأمان رجعوا الناس بأريحية لا شيء يقلقهم”.
وخلال الحديث حلقت مروحيتان عسكريتان للجيش على ارتفاع منخفض تدير أميرة رأسها وعيناها تحلقان قائلة “إنهم أبطالنا يريدوننا أن نشعر بالأمان.. طول ما جيشك جنبك أنت بأمان.. شعور بالفخر رغم كل ما حدث تجاوزنا الأزمة وبقي بلدنا بخير”.
نورس عثمان مصمم رقص مدرس بالمعهد العالي للفنون المسرحية حرص على زيارة المعرض في يومه الأول وقال في اللحظات الأولى لدخوله “إنه سجل في مخيلته مشاهد جدا جميلة.. المعرض فتح دفتر الذكريات القديمة للياليه في دوراته ما قبل الحرب وإن ما أثار اهتمامه الديكور وتوزيع الأجنحة والتنظيم”، أما الشابة شيرين الشوفي من السويداء تزور المعرض لأول مرة قالت “إنه جميل.. كل شيء يمكن مشاهدته إضافة إلى زحمة الناس يوجد تنظيم وهذا شيء يفرح ويدعو للاعتزاز أن نرى بلدنا قويا”.