ما تتمناه أميركا وأعوانها شيء، والواقع الذي يواجهونه شيء مختلف تماماً، ولاسيما أن سورية وحلفاءها يغلقون السماء بوجه أحلامها العسكرية والاستراتيجية، ويعرّون ادعاءاتها ومزاعمها، لتكون الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت، انطلاقاً من الميدان في إدلب، مروراً بما ستتمخض عنه اللقاءات المنتظرة بين الأطراف الضامنة لآستنة في طهران اليوم، ودورها في نتائج العملية العسكرية وانعكاسها على الخط السياسي الذي بات أوضح مما مضى.
فما بين تجهيز الغرب المتباكي على السوريين لمسرحياته الممجوجة، وهجماته التي يريد عبرها إنقاذ إرهابييه من المواجهة الصعبة، يمضي الجيش العربي السوري قدماً نحو مهمته، وهو يعقد حبل معاركه على أعناق أولئك ويشدّها، مفوتاً الفرصة على الأدوات ومن يمسك أو يتحكم بها، حيث الصيغة الوحيدة والمنطقية، قطع دابر العصابات الإرهابية، ويد داعميها من المنطقة والتجهيز لمرحلة ما بعد القضاء عليها، وخاصة أن الأحداث والتطورات تتسارع، والعودة إلى ظروف السنوات المنصرمة من عمر الأزمة باتت مستحيلة.
استعادة المناطق التي ينتشر فيها الإرهابيون، سوف تتحقق سواء بالمصالحات أم بالقوة، وجيب «الطيب» أردوغان الاقتصادي بين المقص السوري والإبرتين الروسية والإيرانية، والحرب إما أن تكون شاملة وطويلة حتى القضاء على آخر مرتزق، أو مختزلة بأيام ومحصورة في مناطق محددة، بعد امتثال السواد الأعظم من المناطق للتوافق وقبول التسويات على غرار ما حصل في الجنوب.
لا نغالي كثيراً إذا قلنا: إن هناك رغبة قوية بين الأطراف الإقليمية للتخلص من الإرهابيين، لأنهم يشكلون خطراً كبيراً على الحكومات والشعوب في المنطقة، والفرصة مهيأة لذلك بعد تجميعهم في منطقة واحدة، لكن من يعرقل بدء القضاء عليهم أميركا وإسرائيل من ناحية بهدف استخدامهم في الوقت الذي تريدانه، وذلك في ظل الحديث عن تحركات قد تقوم في مناطق أخرى، لمواصلة ابتزاز الأنظمة الممولة، وتركيا من ناحية ثانية لرفع سقف التفاوض والمطالب، سواء فيما يخص الملف الكردي، أو لإنقاذ الليرة المنهارة، في وقت يعلم فيه الأعداء أن الحرب عسكرياً تم حسمها لمصلحة الدولة السورية وحلفائها مهما ارتفع الضجيج وزادت الاعتداءات، وما تبقى هو فقط لاستكمال إحكام الطوق والسيطرة على باقي المدن الملوثة بـ«النصرة» وأخواتها، أما ما يرشح من أنباء عن إدارة بعض الجهات لمدينة إدلب حتى إشعار آخر، وريثما يتم إنهاء بعض الملفات سيبقى مجرد هلوسات لا تسمن ولا تغني من جوع، لأن السلام الحقيقي في سورية لن يكتمل من دون إعادتها إلى حضن الوطن.
حسين صقر