دمشق-سانا
صدر حديثا عن الهيئة العامة السورية للكتاب “الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر عمر محمد شريف النص”.
تكشف الاعمال عن الشاعر “النص” كدرة قيمة في الساحة الشعرية السورية والعربية المعاصرة ليؤءكد أن لدينا الكثير من الدرر لتي ما زالت في محاراتها ومن واجبنا إخراجها إلى الضوء.
يضم الكتاب خمسة دواوين شعرية تشكل مسيرة الشاعر بين عامي 1950 و 2012 وهي “كانت لنا أيام” ، “الليل في الدروب”، “مرافئ الصمت”، “الزمان الغائب” و”إلى أين يسافر البحر”.
الشاعر منذ القصيدة الأولى يبدو عاشقا حزينا يشكو الضياع ولكنه يتعلق بخيط أمل في سياق الواقع فيقول.. “أنا ضائع أنكرته الحياة..وعاف الطريق الذي ازهقه لو كنت أبني غدي في الخيال..لما خفت يا أخت أن أسرقه”.
ويبدو الشاعر منذ نعومة أظفاره مفعما بالحنين مطوقا بالذكرى التي قد لا تعود لعقدين أو ثلاثة من الزمان وإنما قد تكون ذكرى امة لها جذورها في التاريخ واليوم أغصانها مكسورة وأجنحتها مهيضة إذ يقول في قصيدة بعنوان في لهيب الذكرى عام “لك قلبي فهدهديه قليلا..قبل أن ينفض الحياة ملولا وأجيلي يديك في صدره..الدافي وضمي جناحه المشلولا”.
والشاعر وجداني في كل دفقة من دفقات شعره فهو عاشق من نوع آخر يرى المعشوقة في كل أشيائها ورسائلها وفي العطر المنبعث من سطورها لتبث فيه الحياة ويقهر بها الزمان ليغدو معها ضمن وحدة صوفية وشيجة متداخلة فيقول..
“لماذا أحبك إن الوجود..وجودك في فهل تعلمين هنا في دمي تأخذين الطريق..هنا تسكنين هنا تختفين”.
تلك الوجدانية التي كان أحد مصادرها ذات الشاعر المليئة بالتساؤءلات الهائمة بالبحث النازعة الى الشك فالحياة لا تعني للشاعر مجرد التمتع بمباهجها وإنما ينظر بحيرة إلى مجاهيلها ويحاول فك خيوط أسرارها وتلك ميزة الشاعر المبدع.. “إلى أين منطلقي والغيوب..تروع مجاهلها نظرتي رجعنا فلم أر غير الظلال..تواكب حيرتها حيرتي”.
ويحاول الشاعر دخول الحداثة الشعرية من بابها الضيق من خلال التنويع في الأوزان الشعرية حيث تظهر بعض قصائده أقرب إلى الموشحات الأندلسية من حيث التقفية والوزن والإيقاع.. “ماذا تريد الرياح..وراء أبوابي الليل مد الجناح ..فهل رأى بابي”.
ومحاولات الحداثة عند النص تأخذه لتغيير الهيكل الشعري للقصيدة وذلك باجتزاء تفعيلة من عجز البيت والإبقاء على تفعيلات الصدر كاملة ليخرج ببناء شعري عذب الإيقاع رغم كونه على نسق إيقاعي واحد..
“سألتك أين يضيع الطريق
وأين ترى يبدأ
أليس لهذا الشراع الغريق
أليس له مرفأ”.
ومع أن الكلاسيكية تطغى على أعمال الشاعر من حيث الشكل فقد عني الشاعر بإدخال طابع حداثوي إلى مضمون القصيدة ليخرج بنص تقليدي الشكل مطعم بالحداثة من خلال الصورة الشعرية الجديدة والألفاظ العذبة الموحية.
يشار إلى أن الشاعر عمر محمد شريف النص الذي لقبه بدوي الجبل بشاعر العرب الأكبر من مواليد دمشق 1928 حاصل على دكتوراه في القانون الدولي من جامعة السوربون بباريس شغل مناصب عدة في سورية وخارجها وتوفي في عمان 2013 وكتب عن شعره بعض البحوث العلمية والأدبية إضافة إلى أطروحة دكتوراه.
بلال أحمد