ديانا كمال الدين: نملك ما يكفي لإنتاج دراما وسينما تصل للعالمية

دمشق-سانا

تخوض الكاتبة ديانا كمال الدين مغامرة تحسب لها في أول عمل درامي تلفزيوني تكتبه بما يحمله من اختلاف على الصعيد الفكري والصورة البصرية التي يصوغها المخرج نجدة أنزور، فالعمل ينتمي إلى نوع درامي خاص يخلط الواقع بالأسطورة ضمن أجواء فنتازية لا نجدها في الكثير من الأعمال الدرامية.

وعن هذه التجربة التي خاضتها الكاتبة كمال الدين كان لـ سانا هذا الحوار معها..

ما المناخات التي اعتمدتيها في مسلسلك الأول “وحدن” وهل تعتبرينه مغامرة لأنه اعتمد البطولة النسائية؟.

لم تكن البطولة النسائية وحدها هي حامل المغامرة في وحدن، بل فكرة العمل ككل. فلم تتطرق الدراما السورية والعربية إلى المزج بين الواقع والخيال منذ قصص ألف ليلة وليلة، وأن تعجن مرارة الواقع بحلاوة الحكاية والخيال ويقوم ذات الممثلين بلعب كل الأدوار في الحكايا كما في الواقع، والمسلسل طرح جديد على عين المشاهد الذي اعتاد على مشاهدة دراما ضمن قوالب متكررة ومتوقعة. في العمل لا توجد بطولة فردية، بل عدد كبير من الشخصيات تتحرك ضمن نطاق ضيق لقرية منعزلة ولكل شخصيّة مساحة بطولة خاصة بها مع عدم التعرض لمعاناة ومفرزات الحرب بتكرار ذات المشاهد التي تقدمها نشرات الأخبار.

ما بين الكتابة للسينما والدراما أين تجدين نفسك أكثر، وأيهما يحقق مشروعك في الكتابة؟.

بالتأكيد الكتابة للسينما أكثر متعة، من حيث سرعة المشاهد ورشاقتها وتكثيف الحدث والحوار، وتحديات اختصار الزمن، والاستمتاع بكتابة مئة مشهد لفيلم سينمائي لا يقارن بعبء ومعاناة كتابة أكثر من ألف مشهد لمسلسل من ثلاثين حلقة. فمشكلتي الرئيسية في الكتابة أنني أشعر بسرعة بالملل، ولا سيما عندما ظللت لأشهر حبيسة مع أكثر من خمسين شخصيّة – كما حدث أثناء كتابة مسلسل وحدن- ولكن الفيلم السينمائي يصل لشريحة محدودة من المشاهدين في سورية، وذلك لتراجع الثقافة السينمائية وقلة دور السينما، بينما العمل التلفزيوني يدخل كل بيت دون استئذان، وهذا ما يطمح إليه أي كاتب أو أي مخرج.

أعمالك تميزت بالشراكة مع المخرج نجدة أنزور، ما أهمية هذه الشراكة بالنسبة لك ككاتبة وما آفاقها المستقبلية؟.

لم تكن الشراكة مع الأستاذ نجدة أنزور نتيجة لقرار مسبق، بل نضجت من خلال الفيلمين السابقين “فانية وتتبدد” و “رد القضاء”.

فالمغري في تحويل هذه التجربة لفريق أو ثنائي أو مسيرة مشتركة هو تراكم الخبرة الذي يوفر الكثير من الوقت والجهد عند القيام بتجربة أخرى، ويترك مساحة أكبر للمزيد من الإبداع والنجاح المشترك هذه الشراكة دفعت باتجاه الوصول لنتيجة متكاملة بناءً على تراكم خبرة التجارب السابقة التي خلقت لغة تفاهم مشتركة بيني وبين المخرج نجدة عوضاً عن صرف الوقت بتعلم لغة تفاهم جديدة وفك شيفرات التعاون مع أشخاص جدد واعتقد أننا نطمح إلى خوض المعركة بعمل رابع وذلك لأننا رفعنا مستوى الشراكة إلى مزيد من التفاهم على وحدة الغاية والهدف وقطعنا أشواطاً صعبة من خلال تنفيذ مسلسل وحدن.

هل ما قدمتيه حتى اليوم يأتي ضمن رؤيتك الخاصة ككاتبة أم هي مشاريع فرضها الظرف وطلبات المخرجين والمنتجين؟.

في فيلم “فانية وتتبدد” لم أملك حرية اختيار الفكرة التي كانت مطروحة وموافق عليها مسبقاً، وفي فيلم “رد القضاء” امتلكت حرية التصرف بالمعالجة الدرامية لحقائق وأحداث وثائقية، وفي “وحدن” كتبت بحريّة مطلقة بدءاً من فكرة المسلسل وحتى آخر مشاهده.

وبالأعمال الثلاثة قدمت ما تمليه عليّ رؤيتي الشخصيّة ككاتبة ضمن نطاق المنطق والمسؤولية، فلو تقدّم لي أي عمل من أي جهة لا اتفق معه بالهدف والطرح الإنساني والأخلاقي، فلن أكتبه فقط من أجل الاستمرار بالكتابة أو الأجر المادي.

كيف ترين حال السينما والدراما في سورية اليوم بظل الحرب وهل ارتقت لواقعنا؟.

ظهر في صناعة الدراما جراء الأزمة رأس مال غير مؤهل سعى لتسويق ما ينتج بغض النظر عن المضمون ولا يراعي أهمية الدراما وما تقدمه من صور وقناعات للعالم عن سورية، ويطلب من الكتاب والمخرجين صناعة أعمال حسب نظرته، وما تقدمه المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني من أعمال يستحق التقدير، ولكن بميزانيات إنتاج محدودة و”لجان قراءة نصوص غير واضحة المعايير”. أما المؤسسة العامة للسينما فتحتاج إلى استقطاب كتاب ومخرجين وممثلين قادرين على صناعة سينما جماهيرية، وتحقق أرباحا من شباك التذاكر ولا ترتبط بالمخرج وحده.

ما هو العمل الذي تطمحين لتقديمه مستقبلاً؟.

أعمل على كتابة مسلسل بعنوان “من واحد لعشرة” وأسعى إلى تحقيق إنتاج لائق يخدم فكرته ومستواه الفني والإنساني، وهو بعيد كل البعد عن أسباب الحرب ونتائجها.

هل أنت متفائلة بمستقبل السينما والدراما في سورية ولماذا؟.

متفائلة لأنني مؤمنة بأننا نملك من الشباب والشابات والمواهب الفنية ما يكفي لإعادة إنتاج دراما وسينما ليست سورية أو عربية فقط بل عالمية، إذا توافرت لهؤلاء الشباب الفرص المتكافئة من قبل المؤسسات وجهات الإنتاج. وسيتحقق ذلك مع تغيير ظروف البلد بعد انتهاء الحرب، فكل من حاول التسلق على مآسينا سيزول ويحل مكانه كل ما هو حقيقي بإنسانيته وعلمه وثقافته، والتعافي الصحيح والمدروس أخلاقياً وعلمياً ووطنياً من بعد الحرب ليس خياراً، بل مصيراً محتوماً لن نقبل بغيره.

محمد سمير طحان