دمشق-سانا
بانوراما فنية تضمنها معرض الفنان التشكيلي عبد الحميد الفياض مستعرضة انكسارات وحزن الإنسان السوري خلال السنوات السبع الماضية بأسلوب تعبيري كان الانسان بطلها بألوان صادمة تنوعت بين الحارة والباردة وبتحويرات في الشكل والتفاصيل لخدمة الفكرة إضافة لأعمال حملت الأمل مع الهدوء النسبي في الألوان وظهور مساحات من الضوء.
المعرض الذي افتتح مساء اليوم في صالة مرسم فاتح المدرس ضم 30 لوحة كبيرة وصغيرة الحجم أتت كشاهد على آلام وأحلام الكثيرين ممن تأثروا بالحرب على سورية في اشتغال واضح من قبل الفنان على الفكرة والمفاهيمية إلى جانب الشكل والتكوين الفني وتسخير التقنية بشكل احترافي لخدمة الموضوع.
وعن المجموعة المعروضة قال التشكيلي الفياض في تصريح لسانا “أعمال المعرض جزء من مجموعة تضم اكثر من مئة عمل بدأت بها عام 2011 واستمرت حتى قبل عدة أيام من المعرض بغية التوثيق لما مرت به سورية وفق أسلوبية متنوعة في الشكل واللون لكنها واحدة في الروح”.
وتابع الفياض “تحمل بعض الاعمال في المعرض العنف والمأساة لكن الأعمال المنفذة مع بداية عام 2018 اتسمت بالأمل عبر الألوان المضيئة والمفرحة مع اختلاف المواضيع حيث ابتعدت عن الحدة في الطرح مع تحوير في الأسلوب على لوحات الأحجام الصغيرة التي تعبر عن ارتياحي النفسي حاليا”.
وأوضح الفياض أن تجارب الشعوب مع الحروب والأزمات تظهر أهمية الفن التشكيلي حيث هناك لوحات فاقت في توثيقها ورصدها للواقع الكتب والمذكرات والأدب والشعر معتبرا أن اللوحة التي لا تحتوي إنسانا هي عمل تزييني لا أكثر.
وقال “الإنسان محور الحياة والقضية التي نعيشها وهو الذي يعاني من جراء ما يحدث في بلدنا وفي المقدمة يأتي الطفل والمرأة وتوثيق المرحلة ينطلق من كون الإنسان بطلا لها”.
ولا يضع الفنان الفياض في اعتباره معايير التسويق عندما يرسم حتى أن فكرة العرض لم تكن في باله ولكن أهمية المكان كمرسم للراحل فاتح المدرس هو ما دفعه لعرض تجربته الأخيرة للناس لأن “أهمية العمل الفني تكمن بتواؤمه مع الحدث والحالة اللتين يعيشهما الإنسان”.
ويجد الفياض أن الحراك التشكيلي حاليا يحوي الغث والسمين ومن إيجابياته الكم الكبير الذي يقدم من المعارض وتشجيع المواهب الشابة ومساعدتها على كسر حاجز الخوف من عرض نتاجها الفني للناس ولا سيما مع غياب عدد كبير من الفنانين بعضهم غادر خارج البلاد وآخرون انكفؤوا عن العمل ما أتاح الفرصة للأجيال الجديدة بالظهور.
صاحب المعرض الذي يستمر حتى التاسع من الشهر القادم عبر عن تفاؤله بمستقبل الفن التشكيلي السوري وقال “متفائل بشكل عام بمستقبل الإنسان السوري وبالفنان المتفاعل مع مجتمعه ومحيطه لانه سيحقق الدور المطلوب منه”.
التشكيلي جورج عشي الذي حضر افتتاح المعرض قال “الفنان عبد الحميد يمتلك هاجسا داخليا ويطرح في لوحاته ما يجول في نفسه ويفكر به واستطاع أن يوصل أفكاره عبر قوة خطه ولونه ومساحة اللوحة التي يسيطر عليها بقوة فضلا عن تفاعله مع مجتمعه”.
بدوره قال الناقد الدكتور ابراهيم جرادي “الفنان عبد الحميد يتميز بقدرته على عكس ما يجري في سورية بعيدا عن المباشرة والتقريرية من خلال شخوصه المنهكة والمتعبة كما يمتلك حس البحث عن وسائل فنية جديدة على صعيد الموضوع وبما يخص الشكل فهو يمتلك القدرة التشريحية والتقنية الفنية”.
والتشكيلي عبد الحميد الفياض من مواليد الرقة عام 1953 تخرج في كلية الفنون الجميلة قسم الحفر بجامعة دمشق عام 1983 مارس النشاط الفني منذ عام 1970 وأقام معارض فردية وشارك في العديد من المعارض الجماعية كما عمل في تدريس الفن بالمعاهد والجامعات الخاصة وكلية الفنون الجميلة حتى عام 2015 ثم تفرغ للعمل الفني اعماله مقتناة داخل سورية وخارجها في مجموعات خاصة ورسمية.
محمد سمير طحان