دمشق-سانا
ينظر كثيرون إلى تجربة الولادة كحالة مثالية مليئة بالمشاعر الإيجابية دون أن يدركوا أنه على الجانب الآخر هناك أمهات يعانين لحظات قد تكون الأصعب في حياتهم خلال هذه الفترة نتيجة حالة تسمى اكتئاب ما بعد الولادة.
ورغم أنه “يسجل أعلى نسبة بين المشاكل التي قد تصيب المرأة بعد الولادة إلا أن الاكتئاب لا يحظى بالاهتمام اللازم” حسب اختصاصي الأمراض النفسية الدكتور يوسف لطيفة الذي يشير إلى أنه يصيب نحو 10 إلى 20 بالمئة من الأمهات ما يحمل الأطباء ولا سيما النسائية مسؤولية الانتباه له ومساعدة السيدة للوقاية منه أو تخطيه.
ويوضح الدكتور لطيفة أن اكتئاب ما بعد الولادة حالة نفسية تصيب المرأة ولا تشخص إلا بعد مرور أسبوع على وضع طفلها وقد تستمر من ستة أشهر إلى سنة وتزيد احتمالها عوامل منها الاستعداد الوراثي والتغيرات الهرمونية وخلل في النواقل العصبية كما أنها أكثر حدوثا في الحمل الاول وبعد تجربة إجهاض.
وترتفع نسبة حدوث هذا الاكتئاب كما يبين الاختصاصي أيضا في الولادات المبكرة وتعرض الجنين لاختلاطات وفي الحمل غير المخطط أو المرغوب به أو في حالات فقدان الزوج أو العمل أو البيت والعنف الأسري والأم الصغيرة ووجود تجربة اكتئاب سابق أو إدمان ومشاكل اجتماعية عائلية ونتيجة حرمان الأم من النوم.
وعن المؤشرات المنذرة لإصابة الأم باكتئاب ما بعد الولادة يشير الدكتور لطيفة إلى شعور السيدة بالخوف والحزن والتشاؤم وعدم وجود دافع لديها للاهتمام بوليدها وبكائها المستمر وإحساسها الدائم بالخمول والتعب مع اضطرابات بالأكل والنوم وميلها للانعزال أو عدم القدرة على الاسترخاء والعصبية.
ويلفت الاختصاصي إلى أن مشاعر كثيرة تضغط على الأم المصابة بالاكتئاب كإحساسها بالذنب غير المتوافق مع الحالة وأنها أم فاشلة لا تستطيع تربية ابنها “وفي حالات شديدة قد تصل إلى التفكير بقتله أو الانتحار”.
ويحتاج تشخيص الحالة إلى وجود هذه الأعراض بشكل واضح يوميا لمدة لا تقل عن أسبوعين وأن تسبب صعوبة في أداء الوظائف الاجتماعية والمهنية وفقا للاختصاصي الذي ينبه لضرورة التفريق بين الاكتئاب وأحزان الولادة وهي حالة طبيعية نتيجة التغيرات الهرمونية وتظهر على شكل بكاء مستمر وشكايات جسدية لكنها من الممكن أن تتطور إلى اكتئاب.
وعن العلاج يوصي الدكتور لطيفة بضرورة توفير الدعم النفسي والاجتماعي للأم والإصغاء لها وتشجيعها على الاسترخاء بالتوازي مع العلاج الدوائي النفسي والمعرفي والسلوكي مشددا على ضرورة الوقاية عبر تخفيف توتر الأم خلال فترة الحمل وتوضيح مراحل المخاض والولادة وما بعدها.
ويحذر الاختصاصي من إهمال هذه المشكلة كونها تنعكس أيضا على الطفل ونوعية الرعاية والتغذية التي يتلقاها ومدى تطوره اللغوي والمهاراتي والسلوكي وقد تسبب له أيضا مشكلة التعلق الزائد.
دينا سلامة