الشريط الإخباري

بعد معاناة طويلة من إجرام الإرهابيين.. عائلة من الغوطة الشرقية تخرج إلى النور وتأمل بحياة جديدة

ريف دمشق-سانا

مستظلة من حرارة الشمس في مدخل أحد الأبنية قيد الإنشاء تجلس باطمئنان يظهر جليا على وجهها المثقل بالغبار مشيرة إلى أفراد عائلتها بالجلوس لدى تجاوزها نقطة للجيش العربي السوري عبر الممر الآمن في مدخل بلدة حمورية حيث خرج عشرات الآلاف من بلدات عدة من الغوطة الشرقية هربا من إجرام التنظيمات الإرهابية وتحت حماية رجال الجيش.

تنفرج أسارير الأم ريم متناسية تعب ساعات عدة من السير على الأقدام قادمة مع زوجها وأولادها الأربعة وزوج ابنتها وحفيدتها من بلدة عربين وتقول “أخيرا صرنا بالأمان.. سنبدأ حياة جديدة بحماية جيشنا”.

وتضيف ريم في لقاء مع وكالة سانا وهي تحضن حفيدتها الغارقة في النوم.. خروجنا اليوم سيضع نهاية لخمس سنوات من “الضياع والرعب والخوف والجوع” بعد رحلة من التهجير القسري حيث اضطرت العائلة إلى ترك منزلها في بلدة حرستا بعد تعرضه للتخريب والسرقة.

تتذكر ريم تلك الفترة بالقول “خرجنا من حارتنا في حي صمصم إلى دمشق ومكثنا عدة أسابيع في ضيافة أختي في مساكن برزة وعندما هدأت الأوضاع عدنا مجددا لتفقد البيت لكن الإرهابيين كانوا سرقوا كل ما لدينا من أثاث ونقود ومحل تجاري وحطموا سيارتي وعندما سألت لم فعلوا ذلك قالوا لأن أخي ووالدي في الجيش”.

تركت العائلة حرستا وتوجهت إلى عربين وبعد 4 أشهر تم طردهم وتابعت “طلبنا أن نخرج باتجاه نقاط للجيش فمنعونا وقبل أن نغادر سرقوا بيتنا فقصدنا قرية مديرا في منطقة دوما” لتبدأ العائلة العيش تحت سطوة التنظيمات الإرهابية مجددا.

في مديرا زادت الحياة مرارة مع استغلال الإرهابيين للمدنيين وابتزازهم والمتاجرة بلقمة عيشهم تقول ريم “حاولنا أن نعيش حياة طبيعية.. أنجبت طفلي محمد وطارق لكن مع مرور الوقت أصبح همنا كيف نؤمن لقمة العيش بات الشعير خبزنا وكانت وجبة المجدرة نوعا من الإسراف فسعر الكيلوغرام الواحد من البرغل 5000 ليرة وأما الفواكه فنادرة وسعر كيلوغرام خبز الشعير 3000 ليرة وكيلوغرام السكر 18 الف ليرة وإذا توافر الأكل فإن الخوف يظل مخيما على صدورنا”.

لدى ريم ابنتان الكبيرة نور 17 عاما بقيت بدمشق عند قريبة لها وهي حاليا في الصف الثاني الثانوي ولم ترها منذ خمس سنوات وتستذكر “أحيانا كنت اتحدث إليها عبر الهاتف متشوقة لرؤيتها.. حالما نخرج من هنا سوف أزورها تصمت قليلا وقد اغرورقت عيناها بالدمع.. الله لا يحرم أحدا من أولاده” أما الابنة الصغرى مايا فتوقفت عن الدراسة منذ الصف السابع بسبب إغلاق الإرهابيين للمدارس ولحمايتها منهم اضطرت لتزويجها في سن مبكرة تقول “حاولت أن أجنب ابنتي الخطر فزوجتها من شاب لعائلة صديقة” وتقول مستدركة “بالتأكيد لم أكن لأزوجها في هذا السن في ظروف خارج الحرب”.

تتنهد مايا ذات العينين الخضراوين والوجه المتورد كزهر مشمش الغوطة وعلى ثغرها تتفتح نصف ابتسامة وتقول “ما افكر به الآن بعد الخروج من الغوطة العيش بأمان مثل كل الناس”.

وعن طفلتها وهي في ربيعها الأول ومستقبلهما تقول “أتمنى أن تعيش الحياة التي حرمنا منها وإن شاء الله إذا تحسنت الظروف فسأعود إلى الدراسة”.. لتتابع.. “سأذهب أنا وصغيرتي معا إلى المدرسة”.

مدين الدرة زوج مايا يقول وقد جلس مستندا الى الحائط يحاول براحته تخفيف ما علق على وجهه من غبار” اغتالوا جدي لأنه كان يدفع الناس للمصالحة.. أمام البيت أطلقوا عليه النار بدم بارد ومضوا”.

رغم كل معاناة مدين والظروف القاسية التي عاشها وعائلته في ظل وجود الإرهابيين يؤكد “لن أغادر بلدي.. لن أموت إلا هنا.. سأستقر في دمشق والتحق بصفوف الجيش العربي السوري”.

تشير الأم ريم للجميع للنهوض والتحرك إلى الأمام حيث تنتظر الحافلات التي ستقلهم إلى أحد مراكز الاقامة المؤقتة التي تم تجهيزها في أكثر من منطقة بريف دمشق لاستقبال المدنيين.

وأمن الجيش العربي السوري أربعة ممرات آمنة لافساح المجال للمدنيين المحتجزين من الإرهابيين بالخروج إلى أقرب نقطة وهي ممر مخيم الوافدين وممر حمورية-مزارع الأشعري وممر جسرين-المليحة وممر حرستا قرب مبنى الموارد المائية على أوتستراد حرستا.

شهيدي عجيب