ريف دمشق-سانا
غلب على الأمسية الشعرية التي أقامها المركز الثقافي العربي في السيدة زينب مساء أمس قصائد الشعر العمودي التي ألقاها الشعراء صالح حاج صالح ومحمد خالد الخضر والدكتور محمد سعيد العتيق والتي ركزت على الهم الوطني وما تعانيه سورية جراء الأزمة بارتقاء في مستوى الشعر والصورة والدلالة التي اجتمعت على حب دمشق ومواجهة الأزمة بكل شجاعة.
وألقى الشاعر الخضر مجموعة من قصائده التي تجلت فيها صرخته في وجه من يحاول النيل من سورية حيث تسرب عشق وطنه إلى كل مفاصله الشعرية ملتزما بذلك نبرة الشاعر المتشدد ضد من يحاول النيل من بلاده إضافة إلى التزامه بموسيقا الشعر والقافية والروي دون أن يقترب من زحافات أو جوازات أو علل فقال في قصيدة /دمعة يتيم/.. /يتامى يا أبي صرنا يتامى .. وما عشنا المحبة والسلاما تلاحقني الفضيلة في طريقي .. وتشبعني رزايا وانتقاما فمسخ صار يمنحنا وعيدا .. ووغد صار يهدينا الكلاما ونخطف دون أن ندري بشيء .. يورطنا ولا ندري إلاما/ أما الشعر الغزلي عند الخضر فقد تميز بحضور مزدوج للمرأة وللوطن فوحد بين العاطفتين وأدرك أن الوطن هو فوق كل حب معتبرا أن الحب الذي لا يجعل الشاعر مغرما بوطنه ليس له معنى فيقول في قصيدته /اثنتان في قلب فارس/.. /ألا يا شعر هذا البوح دنيا .. ابروءها وتسمو في المعالي أبت إلاي ما هذا غرام .. وفوق الحب أو فوق الرجال أتدرك هذه الحسناء أني .. قريب كل وقت للنضال صديقي الموت إن شاءت بلادي .. وخيلي جاهزات في الجبال/ وفي القصائد التي ألقاها الشاعر الدكتور محمد سعيد العتيق والتي تميزت بالاعتماد على عفوية البحر الوافر والألفاظ الرقيقة عارض في إحداها قصيدة /سلام من صبا بردى/ للشاعر أحمد شوقي معتمدا ذات الروي والقافية التي اعتمدها أمير الشعراء إلا أن العتيق استفاض بحب دمشق وعبر عن مكانتها التاريخية والإنسانية والوطنية لأن الفيحاء بنظره من أهم وأعظم مدن العالم فقال في قصيدة /زوءام من صبا بردى دمشق/.. /أتعشق جلقا والحب رق ويمضي العمر ليس هناك عتق أمير الشعر معذرة فقلبي كنائحة ودمع العين دفق ضفاف النهر يسكنها أباة بربوتها وللمجرى يزق/
كما وصف العتيق الأزمة التي تمر بها دمشق جراء الموءامرة الغاشمة التي تتعرض لها وتحاول النيل منها ومن ابنائها عبر موسيقا قصيدة أخرى اختار لها البحر الكامل والباء المضمومة كروي يختتم بها القافية فقال في قصيدة /جف الغدير/.. /غدران دوحتنا ومنها نرتوي جف الغدير فيابس ويباب أرخت مصائبها على فيحائنا وتكالبت من حولنا الأغراب قد راعنا الغدار كل صبيحة فأتى إلينا في الصباح ضباب/ وكانت قصيدة الشاعر صالح حاج صالح مرفلة بالغزل حيث انتقى كلماته عبر أشجانه وعواطفه ومكنوناته الداخلية ملتزما بأوزان الشعر ومحاولا أن يصل عبر عواطفه إلى أقصى درجات الحب فيقول في قصيدته /ألا تدرين/.. /وضعت بين طابقة الجفون .. لأن الحب أجمل في العيون وأن الحب في الدنيا جميل.. ولكن حب من سواك ديني عشقتك لست أدري ما ببالي .. أسحر في عيونك أو جنوني/.
وكان للحضور رأيهم فيما قدمه الشعراء حيث اعتبر محمد بركات رئيس مجلس السيدة زينب أن ما قدمه الشعراء المشاركون في الأمسية دليل إضافة على الحس الوطني المتأصل لدى السوريين وتحديهم لظروف المؤامرة مؤكداً استعداد مجلس بلدة السيدة زينب لدعم الفعليات الثقافية ونشرها على نطاق أوسع .
في حين رأى الناقد والشاعر محمد معتوق عضو الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين رأى أن النصوص التي قدمها الخضر والعتيق أتت معبأة بالهم الوطني وملامسة الوجع السوري إضافة إلى بناء الصورة الشعرية الفنية التي تناسب روح العصر.
أما الأديبة مريم العلي فاعتبرت أن ما سمعته اليوم يدل على تحدي الثقافة السورية لكل من يحاول أن يشوهها في حين رأى الناقد والقاص أحمد نصار أن قصائد الشاعر الخضر جاءت في غاية الدهشة والروعة حيث أجاد في إبراز موقفه الوطني بطريقة رائعة في التعبير.
كما قالت الكاتبة رابعة القاسم إن ما قاله الشعراء اليوم يقدم وثيقة تاريخية على استمرار الشعر الأصيل والحضارة الشعرية ويوءكد وجود أدباء يقفون بجدارة ليدافعوا عن الهوية العربية.
سامر الشغري