دمشق-سانا
استهواها غناء الشعر الصوفي والأندلسي فتميزت بهذا اللون عبر مشاركاتها الناجحة في أهم المهرجانات العربية والعالمية وقدمت ثلاث أسطوانات متميزة هي المغنية السورية وعد بو حسون.
عن اختيارها لهذا النوع من الغناء تقول المغنية بو حسون في حديث لسانا الثقافية أن مشاركتي في مهرجان فاس للموسيقا الروحية عام 2007 كان لها الأثر الأكبر في توجهي نحو الغناء الصوفي حيث كان المهرجان عن جلال الدين الرومي وطرحت علي فكرة المشاركة بغناء شيء من قصائده فوافقت.
وتضيف في البداية قرأت عن حياة المتصوف جلال الدين الرومي واطلعت على أشعاره فأعجبت به كثيراً واخترت قصيدتين من قصائده ولحنتهما وقدمتهما وبعد أن لاقت هذه التجربة قبولاً من الجمهور أحببت أن أتوسع فيها.
وتوضح بو حسون أن فكرة غناء الشعر الصوفي استهوتها لأنها عرفتها على فكر جديد مبينة أن كل شاعر من الشعراء الصوفيين أعطاها شيء خاص من الحالة الشعورية والمعنى.
وتقول أن لكل متصوف طريقته في التصوف ويملك نظرة للوجود ولعلاقة الخالق بالمخلوق فمثلاً ابن عربي يقدم إبداعاً في أشعاره عبر المعنى الباطن المختلف عن الظاهر ورابعة العدوية طرحت أفكارا جريئة.
وترى المغنية السورية أن الغناء والتلحين والعزف جزء لا يتجزأ من شخصيتها الفنية ولا يمكنها الإستغناء عن إحدى هذه الملكات التي لديها فكلها تكمل بعضها البعض عندها وهي تسعى من خلال هذه القدرات وعبر البحث والتعاون مع بعض الفنانين من ثقافات أخرى أن تقدم فناً راقياً تكتمل فيه كل الجوانب من كلمة ولحن وأداء.
وحول مشروعها الفني تقول بو حسون أن مشروعي هو البحث الدائم والمعرفة والتعاون مع فنانين من ثقافات مختلفة للتعرف على ثقافة الآخر ما يجعلني أعرف نفسي أكثر وأكون أقرب للإنسان أينما وجد وأيا كانت ثقافته ولغته.
وعن إنتاج الإسطوانات الغنائية وما يعانيه مجال الغناء الملتزم في البلدان العربية تقول بو حسون التي صدر لها مؤخراً في فرنسا أسطوانة جديدة من أشعار أدونيس أن أسطواناتي الثلاث التي صدرت حتى الآن أنتجت من قبل دار أوربية ويتم بيعها فقط في الدول التي فيها حقوق ملكية كي تحافظ الدار على حقوقها في الملكية والبيع مبينة أنها تتمنى أن يكون هناك جهد حقيقي لحماية وصون حقوق المؤلف والمنتج في الدول العربية.
لا تبدي المغنية بو حسون توقا للجماهيرية السريعة عبر المشاركة في أي مهرجان تدعى إليه كما أن كم الحفلات لا يعنيها بقدر ما تهتم بنوعية الحفلات من حيث مكان الحفل والجمهور الذي يحضره بغض النظر عن المردود المادي من هذا الحفل.
ترى بو حسون أن عالم الشعر الصوفي مليء بالدهشة والمعاني التي يتفاوت فهمها من شخص لآخر لذلك هي تسعى لتلحين القصيدة التي تتفاعل معها وتجد أن بوسعها وضع لحن لها يخدمها ويوصل المعنى الذي تحمله مبينة أنها في بعض القصائد لم تستطع إيجاد اللحن المناسب لها الذي يخدم الكلمات الموجودة فيها.
ولا توافق تماماً المغنية السورية المقيمة في باريس لمتابعة دراستها على مصطلح الفن النخبوي وتقول أنا أقدم فناً موجهاً للإنسان أيا كانت ثقافته ومستواه التعليمي ولكن الجمهور يختلف من حفل لآخر فكان في كثير من الحفلات التي قدمتها هناك جمهور مثقف من المهتمين بما أقدم وفي حفلات أخرى كآخر حفل لي والذي كان في مهرجان بيت الدين تواجد جمهور من كل الأعمار وقد سعدت بردود الفعل الإيجابية من الشباب الحاضرين الذين تفاعلوا مع ما قدمته وعبروا عن استمتاعهم بالإنصات والتصفيق وهذا دليل على أن الناس تحب أن تسمع الفن الجاد إن وجد في خضم عصر السرعة الذي نعيشه.
وعن رؤيتها لواقع الأغنية السورية توضح بو حسون أن الأغنية السورية ينقصها الدعم في الإنتاج والتسويق مضيفة أنه من الضروري وجود مؤسسات ثقافية غير ربحية تعنى بالمواهب السورية الشابة وتؤمن لها الأرضية اللازمة لانطلاقة وبداية صحيحة دون الانحراف وراء المغريات المادية مبينة أن هناك محاولات شبابية جيدة لتقديم الأغنية السورية وتقديم التراث السوري من خلال أسلوب خاص.
وتتابع أن بعض الشباب يلجؤون لسلوك طريق التقليد للغرب في الجاز والروك والبوب والراب وغيره لتقديم موهبتهم ظناً منهم أنه الأسلوب الأفضل والطريق الأقصر محلياً وعالمياً علماً أن هناك تجارب سورية مهمة استطاعت أن تدخل الغرب وتقيم أنجح الحفلات في أوروبا وغيرها وتنال الإعجاب وهي تحمل هوية ثقافية سورية من أمثال الفنان المرحوم صبري مدلل والفنان المرحوم أديب الدايخ والفنان عمر سرميني والفنان حمام خيري.
وتشير المغنية السورية إلى أن وجودها خارج سورية أعطاها فرصة للتعرف والإطلاع على ثقافات مختلفة وبالتالي أتيحت لها فرص أكبر لتجارب مختلفة سواء في المهرجانات التي تشارك فيها أو التعاون في تقديم الإسطوانات بالتعاون مع العديد من دور إنتاج الأسطوانات مبينة أن الأهم دائماً هو اجتهاد الفنان واشتغاله
على موهبته وقدراته لتطويرها باستمرار فمن دون هذا لا يمكن إنجاز أي عمل يذكر.
وتختم المغنية بو حسون حديثها بتقديم النصح للمغنين والعازفين السوريين الشباب بزيادة قراءاتهم وتوسيع ثقافاتهم مع ضرورة التعرف والاستماع لكل أنواع الموسيقا في العالم وبشكل متواصل إلى جانب المواظبة على التمرين لتطوير قدراتهم وتقنياتهم ليتطوروا باستمرار وعندها سيكونون جاهزين لأي فرصة تعرض عليهم ليثبتوا موهبتهم وحضورهم.
محمد سمير طحان