حمص-سانا
جمعت الكاتبة والشاعرة والمرشدة الاجتماعية خديجة بدور في شخصيتها عدداً من أطياف الفنون الثقافية الإبداعية التي ميزتها عن غيرها لتغدو علماً من أعلام حمص وقامة من قاماتها الثقافية والفكرية ووجها مضيئا للمرأة في مدينة شهدت على مدى ثلاث سنوات أحداثا أثرت بشكل أو بآخر على الحياة الثقافية في هذه المدينة.
واتسمت مؤلفات بدور في مجال الرواية والقصة القصيرة بطابع الواقعية من خلال حبكة فنية جمعت بين البراءة والجرأة وبين العاطفة والعقل بلغة شفافة بسيطة سلسة وخاصة في روايتيها عودة السنونو ووراء السراب ومجموعتيها القصصيتين الثمن وغدر الزمان حيث دخلت الكاتبة عبر بوابة القلق الإنساني بأفعال توقظنا من أوهامنا وتلقي بنا في حياة هي هم واهتمام وتذكرنا بأن الحب هو المنتصر الأخير وأن الحياة ليست إلا بوابة عبور إلى عالم آخر يبدأ بانتهاء الواقع المعاش وكأنها تؤكد عودة طائر الفينيق وانبعاثه من الرماد.
وفي أعمالها الشعرية نتلمس الدفء والأمل والسماحة والعفة فقصائدها تقدس الأمومة بكل تفاصيلها كما تقدس حب الوطن وتأخذنا نحو عالم مليء بالخير والحب بكل معانيه الوجدانية والإنسانية وهو ما يتجلى بمجموعتها الشعرية ضجيج الألوان حيث تنثر بين طيات قصائدها عبقا جماليا يخاطب الروح بهمسات تسمو بها فوق النفس البشرية وفي قصيدتها الأجمل تقول:
لأني أحبك صرت أحلم .. كتبت الشعر والنثر.. فصرت أجمل .. أودعت الحب في قلبي .. وبعثت ظلال أحلامي فطاف الفراش من حولي .. ضجيج ألوان ..ربيع أحلام.
وفي قصيدة أخرى بعنوان عندما تدفنوني تدعو بدور البشرية إلى أن تسودها المحبة فتقول:
عندما تدفنوني اتركوا لي في القبر فراغا ..كي أضم أضم رائحة الحنين عندما تدفنوني .. إردموا التراب برفق بعيداً عن جفوني.
وفي أبحاثها الاجتماعية العبقرية والإبداع والوجه المضيء للمرأة تعالج بدور قضايا اجتماعية بحكمة تنم عن معرفة بأدق التفاصيل وخاصة في بحثيها العقاب والحدث حيث تسلط الضوء على قضيتين اجتماعيتين ملحتين شارحة فيهما الأسباب والنتائج والحلول فهي تنبه الآخر إلى كيفية التعامل مع الطفل والحدث مؤكدة أن مسألة العقاب لها آثار سلبية ستنعكس في يوم ما على الأسرة والمدرسة والمجتمع.
وفي أعمالها التوثيقية ومنها كتاب المرأة قوة الذي أعدته مع المؤرخ محمد فيصل شيخاني تؤرخ بدور لعشرات السيدات المتميزات في مدينة حمص بدءاً من الملكات زنوبيا و جوليا دومنا مروراً بما أنتجته هذه المدينة العريقة من مبدعات في مختلف المجالات العلمية والأدبية والاجتماعية.
وحالياً تشتغل بدور مديرة المركز الثقافي بحمص على دور المثقف في الأزمة التي شهدتها سورية على مدى ثلاث سنوات وهل حصل تقصير في النشاط الثقافي بالمحافظة خلال هذه الفترة موضحة في تصريح لسانا أنه كان هناك تقصير في الجانب الثقافي لأن عملنا في هذا المجال كان أفلاطونياً أكثر مما هو واقعي ولم تصل الثقافة إلى الأماكن البعيدة وخاصة في الأحياء التي فيها عدد لا بأس به من المثقفين واعتمدنا على تفعيل قوى الخير والثقافة الحضارية وتناسينا قوى الشر والتخريب .
ودعت بدور وزارة الثقافة إلى تبني حملة واسعة النطاق في مواجهة التطرف والإرهاب معربة عن ثقتها بأن النخب الثقافية في المحافظة ستكون في مقدمة الصفوف لمواجهة هاتين الآفتين لأنها تدرك أن الهدف هو الوطن والوطن وحده.
ولفتت إلى أهمية توحيد جهود المؤسسات الرسمية والشعبية وحشدها في وجه التطرف والإرهاب وفي المقدمة أصحاب الرأي من المفكرين والمثقفين والفنانين وتوحيدهم على إنتاج خطاب ثقافي يسعى لمواجهة هاتين الآفتين اللتين تحرقان الأخضر واليابس وتبيدان كل المعالم الحضارية وتعودان بنا إلى عصر الظلام.
كما دعت بدور إلى نشر قيم التسامح والتعايش والقبول بالآخر لأن الجميع يؤمن بأن للثقافة دوراً فعالاً وكبيراً في تغيير الأفكار وتثقيف الشباب وتوعيتهم من خلال الأنشطة والندوات وتنشيط المسرح لما له من دور كبير قد يكون أبلغ من غيره كما أن من واجب رجل الدين أن يكون له دور أساسي في التثقيف والتوعية الاجتماعية وأن يسعى إلى المصالحة بين المختلفين.
وقالت أن رسالتها في الأدب والحياة كانت وما زالت قضية المرأة وإثبات ذاتها في المجتمع والأسرة وضروب اللإبداع كما أن رسالتها الإنسانية هي نصرة الضعفاء في المجتمع والإشارة إلى همومهم ومعاناتهم بأسلوب أدبي يترك أثراً في نفوس القراء.
ولدت بدور في حمص وترعرعت ودرست في مدارسها وحصلت على الثانوية فيها ثم تابعت دارستها في جامعة دمشق وحصلت على إجازة في الفلسفة وشهادة دبلوم تأهيل تربوي ومارست التعليم لفترة طويلة ثم التحقت للعمل في وزارة الثقافة وهي الآن مديرة المركز الثقافي بحمص.
حنان سويد