الكذب عند الأطفال بين حالة طبيعية وسلوك غير سوي يجب معالجته

حمص-سانا

يستمتع الأطفال عادة بسرد قصص وأحداث خيالية ويبالغون بوصف مواقف تعرضوا لها ويميل بعضهم للكذب واختلاق أحداث لتبرير أفعال معينة او كسب اهتمام المحيطين بهم أو الهروب من عقاب وعلى اختلاف أسبابهم يوصي الخبراء الأهل بضرورة الانتباه لحالات الكذب عند أطفالهم ولاسيما مع تكرارها وعلاجها دون كبت خيالهم وإبداعهم.

وكذب الأطفال حسب اختصاصية الأطفال الدكتورة مي العامر سلوك مكتسب من البيئة التي يعيش فيها وتصرف غير سوي يؤدي إلى مشكلات اجتماعية كثيرة.

وترفض الدكتورة العامر وصف ما يقوله الأطفال في عمر ما قبل المدرسة أي من ثلاث إلى ست سنوات بالكذب رغم أنهم يبتدعون ويحرفون الكلام ويطلقون العنان لخيالهم في أمور ليس لها أساس من الصحة وقد يخلطون بين الواقع والخيال معتبرة أن الكذب في السنوات الأولى للطفل ضرورة وحاجة لكن في حال لم يكن مبالغا فيه.

وتتنوع أشكال الكذب كما تذكر الإختصاصية ومنها الكذب الخيالي ومرده سعة خيال الطفل التي تدفعه لابتداع مواقف وقصص لا ينسجم أي منها مع الواقع ويلفقها عادة ليعزز وجوده بين الآخرين ويجذب اهتمامهم.

ويطلق على النوع الثاني كذب الإلتباس ويلجأ إليه الطفل عن غير قصد حينما تلتبس عليه الحقيقة ولا تساعده ذاكرته على سرد التفاصيل فيحذف ويضيف معلومات تتناسب وإمكاناته العقلية وتصف الدكتورة العامر هذا النوع من الكذب بالبريء مؤكدة أنه يزول من تلقاء نفسه حينما تصل الإمكانات العقلية للطفل إلى مستوى يمكنه من إدراك التفاصيل وتذكر العناصر وتسلسل الاحداث.
ويستخدم الأطفال النوع الثالث من الكذب وهو الإدعائي أو كذب التفاخر كما توضح الدكتورة العامر عندما يشعرون بالنقص فيلجؤون إليه للتعويض وتفخيم الذات أمام الآخرين عبر المبالغة في حقيقتهم وممتلكات أسرتهم وإنتمائهم بهدف تعزيز المكانة ورفعها وسط الأقران أو بهدف الرغبة في السيطرة أو الحصول على قسط أكبر من الرعاية والاهتمام والعطف.

والكذب الدفاعي أو الإنتفاعي أكثر أنواع الكذب شيوعاً بين الأطفال ويسعون إليه حسب الدكتورة العامر للهروب من عقوبة كأن ينسب الطفل أمراً خاطئاً ارتكبه لأخيه الصغير أما النوع الخامس فهو الكذب بالتقليد أو المحاكاة كأن يقلد الطفل أسلوب المبالغة الذي ينتهجه أحد والديه أو المحيطين به.

وتشير الدكتورة العامر إلى أنواع أخرى للكذب منها كذب اللذة ويمارسه الطفل أحيانا للتلاعب بالكبار ومقاومة سلطتهم الصارمة والكذب الكيدي الذي يلجأ إليه الطفل لإحساسه انه مظلوم أو لشعوره بالغيرة نتيجة حصول الآخرين على امتيازات إضافة للكذب العدواني وكذب جذب الانتباه والكذب المرضي والكذب المتعمد المتقن الذي يرتبط باضطراب السلوك المتضمن مشكلات أخرى مثل السرقة أو الهروب من المدرسة.

ويكذب الأطفال لأسباب كثيرة تذكر الاختصاصية منها وجود قدوة غير حسنة تعلم الطفل هذا السلوك المنحرف أو انفصال الوالدين أو قد يلجأ إليه الطفل للتعامل مع قسوة والديه أو أخوته أو للإنتقام نظراً لشعوره بتمييز أحد الوالدين أو كليهما لأخوته.

وتضيف الدكتورة العامر أسباباً أخرى للكذب منها الهروب من العقوبة والممارسات التسلطية في البيت أو المدرسة أو كوسيلة تعبيرية عن أخطائه.

وتوصي الاختصاصية لعلاج حالات الكذب عند الأطفال بدراسة حالة الطفل أولا ومعرفة الأسباب الكامنة وراء الكذب ومراعاة العديد من النقاط في أثناء التعامل معه كالابتعاد عن العقاب كوسيلة لتعديل سلوك الكذب وتشجيعه على الاعتراف والتصرف أمامه كقدوة حسنة وقراءة قصص للأطفال عن نتائج الكذب السيئة.

وتؤكد الدكتورة العامر ضرورة مساعدة الطفل ولاسيما في مرحلة ما قبل المدرسة على التمييز بين الخيال والحقيقة ودعم ثقته بنفسه محذرة من التفرقة في معاملة الأخوة أو السخرية من الطفل أو تأنيبه لأتفه الأسباب.

وتشدد على ضرورة مراجعة العيادات النفسية في حالة الكذب المرضي حيث يتم إخضاع الطفل لجلسات منتظمة مع أسرته لإعطاء معلومات وملاحظات عن سلوكه وتنفيذ أساليب خاصة داخل المنزل.

صبا خيربك