الموقف السوري وحساب المتغيرات

لا شك أن ما تواجهه سورية اليوم جديد وخاص بالمعنى الكامل للكلمتين. جديد أن تتعرض الأراضي السورية لهجوم من تحالف تشارك به الدول العربية. وخاص من حيث أن الهجوم يستهدف قوى إرهابية كانت سورية سباقة إلى قتالها وهي مستمرة في ذلك، في الوقت الذي تلقت هذه القوى الإرهابية دعماً أكيداً من كل الدول التي هجمت عليها اليوم بالطائرات والصواريخ.‏

سورية أعلنت من قبل اليوم.. من جنيف، ومن قبل جنيف، أنها إنما تعلي من شأن محاربة الإرهاب وتضعه مقدمة لأي حلول سياسية لقضيتها، وبالتالي أوجبت دائماً نظرياً وعملياً أولية محاربة الإرهاب. أقول: عملياً… لأنها لم تعلن ذلك ببيان وحسب، بل هي تخوض معركتها مع الإرهاب موظفة كل ما لديها من إمكانات للقضاء عليه. ويعتبر ذلك المحدد الأول ليوميات السياسة السورية.‏

اليوم تعلن سورية أنها تدعم كل جهد دولي لمحاربة الإرهاب. هل نقرأ من ذلك، ترحيباً سورياً بالهجوم الذي تقوم به دول التحالف غير الواضح في ما يشمله من متناقضات….؟! التحالف على عكس سورية، لا يدعم كل جهد لمحاربة الإرهاب. بالقراءة البسيطة للموقفين المتناقضين يمكن أن نستعين بما أعلنه السيد وزير الخارجية السورية سابقاً من أن الجدية في محاربة الإرهاب هي الشرط الأساسي والأول لموقفها من أي عمل في هذا الاطار طبعاً بالإضافة لاحترام السيادة السورية لنشك وفعلياً بجدية التحالف في محاربة الإرهاب وأن نشك أكثر فيما يرمون إليه من هجومهم الراهن على داعش وغيرها.‏

ما من شك أن الحكومة السورية وضعت اليوم أمام تساؤلات كثيرة تصعب الاجابة عنها بقدر ما يصعب اكتشاف اهدافها وغاياتها. سورية في وضع عسكري وظرفي لا يسمح لها بمواجهة قوى الحرب الكونية عليها من الشمال إلى الشرق والجنوب حيث إسرائيل والأردن ومن بعدهما السعودية ودول الخليج عموماً ومنها من تخفي عدم احترامها للسيادة السورية وحرمة الأوطان. وهي إضافة إلى ذلك بالتأكيد مرهقة من حرب تعيش عامها الرابع على أراضيها.‏

للمناسبة ليست سورية الوحيدة المعتدى على سيادتها في المنطقة. فالدول التابعة التي يسعدها اليوم أنها ترسل طائراتها وأدواتها العسكرية بفخر تحت الراية الأميركية، هي فاقدة السيادة إلى درجة استحالة إعلان الموقف الذي يمثلها ويتناسب مع اتفاقياتها ومسؤولياتها المقرة والمكرسة سابقاً ولو ببيان. على الأقل سورية تؤكد رفضها للتبعية واستمرارها فيما هي حربها قبل أن يقوم هذا التحالف المشبوه ضد الإرهاب.‏

بالتأكيد لا أريد أن أهوّن على الحكومة السورية إمكانية اتخاذ الموقف الذي يجمع بين الحرص الكامل على السيادة ودعم كل جهد لمحاربة الإرهاب.. لكنني أقول: أمام سورية الآن أن تستمر في معركتها مع الإرهاب وفي اعتبارها المعركة الأولى والأهم معتمدة في ذلك على التفاهم والتعاون مع الدول التي دعمتها دائماً في هذه المعركة «إيران – روسيا – الصين… وغيرها» مبقية على أولوية القضاء على الإرهاب كخطوة أكيدة للحفاظ على السيادة الكاملة. مع المتابعة الدقيقة والفعالة لمتغيرات قائمة وقادمة.‏

بقلم: أسعد عبود