الإرهابيون لا يحاربون الإرهاب

يتضمن التحالف الأمريكي لمحاربة تنظيم «داعش» الإرهابي في سورية والعراق من التناقضات ما يكفي ويزيد للقول والتأكيد أنه استعراض لمخطط لاحق، عنوانه العريض «تقسيم لجغرافيا المنطقة على أسس طائفية ومذهبية وإثنية».

وبناء على ذلك كيف للعقلاء أن يصدقوا أن دولاً مثل السعودية وقطر وتركيا مشاركة في هذا التحالف على سبيل المثال يمكن أن تحارب إرهاب «داعش والنصرة» وغيرهما من التنظيمات الوهابية الإخوانية التكفيرية الإرهابية إذا كانت أنظمتها الحاكمة تعتنق فكر هذه التنظيمات الإرهابية بشكل أو بآخر؟ فتركيا وقطر يحكمهما «الإخوان المسلمون» الذين يشكلون أصل تنظيم القاعدة الإرهابي الذي تفرعت عنه تلك التنظيمات، والسعودية يحكمها الوهابيون الذين يشكلون الآباء الروحيين للتكفيريين في أنحاء العالم.

وبالتأكيد يعرف الأمريكيون أكثر من غيرهم بحكم التحالفات هذه الحقائق المثبتة ولكنهم يصرّون على تجاهلها لأسباب تخص مخططاتهم الآنية والمستقبلية في المنطقة وحولها.

ولتأكيد هذه الأهداف الأمريكية الشيطانية من وراء هذا التحالف لابد من طرح السؤال التالي: لماذا لا تأمر الإدارة الأمريكية حلفاءها من عرب الخليج وتركيا بالتوقف عن إمداد تلك المجموعات الإرهابية بالأموال، علماً أن من شأن ذلك وحده أن يشلّ قدرتها على التثبت في موقعها أو التوسع؟

وما من شك في هذا السياق أن الإدارة الأمريكية تعرف ولديها وثائق أن حليفتيها في الحرب على الإرهاب السعودية وقطر تدفعان للإرهابيين التكفيريين في سورية والعراق أكثر من نصف مليار دولار شهرياً.

وتعرف هذه الإدارة كذلك أن تركيا و«إسرائيل» تأخذان من قطر والسعودية مبالغ طائلة ومضاعفة شهرياً ثمن مداواة الجرحى الإرهابيين من «داعش والنصرة» وخاصة أن ذلك يحدث علناً.

وأكثر من ذلك فقد بينت سورية منذ أكثر من سنة أن السعودية وتركيا تزودان المجموعات الإرهابية فيها بمواد أسلحة كيميائية وأعادت سورية تأكيد ذلك قبل أيام، مع الإشارة هنا إلى أنه لدى الأجهزة المعنية في سورية أدلة على أن الحكومة التركية تدخل هذه المواد السامة إلى تركيا وكذلك «إسرائيل» التي تأتيها هذه المواد عبر الأردن إلى منطقة فصل القوات في الجولان السوري المحتل.

فكيف لمثل هذه الدول أن تحارب الإرهاب الوهابي الإخواني التكفيري؟ وكيف للعقلاء أن يصدقوا أن الولايات المتحدة تريد فعلاً أن تحارب الإرهاب في العراق وسورية؟.

بقلم: عز الدين الدرويش