الشريط الإخباري

ندوة حول التراث الشعبي يرافقه عزف على الربابة بمركز جرمانا الثقافي

دمشق-سانا

أقام المركز الثقافي في جرمانا بالتعاون مع فرع اتحاد الكتاب العرب بريف دمشق مساء أمس أمسية ثقافية شارك خلالها مجموعة من الباحثين والموسيقيين الذين قدموا لمحة عن التراث الشعبي والعتابا إضافة إلى بعض المعزوفات الموسيقية على آلة الربابة التي جسدت تراث مدينة السويداء وجبل العرب.

وبدوره قدم الباحث طلال سالم الحديثي لمحة عن المأثورات الشعبية والتخلف في الدراسات الذي حجب كثيرا من التراث الشعبي العربي ماعدا بعض البلدان العربية مثل مصر وسورية التي اهتم فيها بعض باحثيها بتراثهم وما احتواه هذا التراث من عادات وتقاليد حيث صدرت مجلة للتراث الشعبي في مصر وأخرى في سورية.2

وبين الحديثي أن هناك فرقا واسعا بين الأدب الشعبي والأدب العامي فالأدب الشعبي يتضمن الحضارة الاجتماعية والعادات والتقاليد وكيفية العيش التي يمارسها أبناء البيئة أما العامي فهو الأدب الذي يكتبه المثقف بلهجته الدارجة كما هو الحال عند مظفر النواب.
وقال الحديثي أن هناك من الأدب الشعبي ما هو جدير بالقراءة والدراسة كشعر عبد الله الفاضل الذي تميز بالعتابا ولاسيما عندما أصيب بمرض الجدري وتركه أهله وبدأ يعبر عن عواطفه وعن آلامه التي عاشها وهو في غربة الهجر وقسوة الأهل.

إلا أن الحديثي أنكر ما كان يقوم به عبد الله الفاضل على آلة الربابة موضحا أن الرواية تقول أن عبد الله الفاضل وهو من كبار قومه كان يعزف الربابة أمام الشيوخ والزعماء وهذا لم يكن مألوفا في ذلك العصر.

بدوره الباحث عباس الداهوك قال إن الربابة كانت تراثاً أصيلاً يعزف عليها كرام النفوس وكانت تسمى بمعشوقة الديوان ولا تستخدم لا للمديح ولا للتكسب بل تقتصر على التغني بأمجاد العرب وأبطال المنطقة التي كانت تدافع عن كرامة الأرض.

كما رأى حمود الموسى مدير التراث الشعبي في وزارة الثقافة أن آلة الربابة هي من أهم الآلات التي تستخدم للعزف الموسيقي مستشهداً بقول الروائي السوري عبد السلام العجيلي أنه استمع لعزف كافة الآلات الموسيقية ولم تطربه إلا الربابة.

وأضاف الموسى إن هذا الملتقى الذي يتضمن مثل هذه الندوات يهدف إلى تحدي الأزمة وإلى التنوع الثقافي والحضور المميز ولاسيما أنه أصبح يجمع بين السينما والمسرح والأدب والتراث لافتاً إلى أهمية توثيق التراث والتعاون من أجل الحفاظ عليه.

وأنشد الفنان عطاالله حماد بعض القصائد الشعبية التراثية مع العزف على آلة الربابة حيث تغنى بأمجاد جبل العرب والتاريخ العريق في محاربة الفرنسيين بأسلوب غنائي ترك أثراً في ذائقة المتلقي الذي انسجم مع هذا النوع الفني حيث قال:
يالله نطلبك السهر .. يوم فتل دولابها
شرابة الدم الحمر .. والموت ما نرضاها
جرد علينا من البحر .. عساكر وطوالها
كما أنشد الفنان عجاج حماد بعض القصائد الغزلية التي عكست تراث البادية وعاداتها وتقاليدها حيث رافق نشيده عزف على آلة الربابة أيضا إلا أنه انتقى بعض الأناشيد الغنائية التي يغلب عليها الغزل الصريح.

وعن رأيه قال الشاعر الدكتور راتب سكر أستاذ الأدب الحديث في جامعة دمشق ما قدمه الباحث طلال حديثي يرسم مدخلا مناسبا لدراسة التراث الشعبي في صلاته بالأدب العربي القديم الذي احتضن الأدب الشعبي في أعمال ثقافية خالدة ما تزال فرص البحث في مكوناتها الفنية والمعرفية ملحة في عصرنا.1

كما عبر الكاتب مزيد نرش عن دور الأدب الشعبي في نقل العادات والتقاليد من خلال الرواية الشعبية والشعر المحكي وتداول هذا الشعر في السهرات وانتقاله عبر الزمن.

لكن القاص والسيناريست بشار بطرس رأى أنه لا يوجد أدب عامي وأدب فصيح فهناك أدب فقط معياره قوة الدراما فيه بغض النظر عن لهجته أو لغته معتبراً أن لهجة قريش يمكن أن تكون عامية أمام لهجات أخرى.

وأوضح الباحث عماد السعدي الذي يختص بالتراث الشعبي وصناعة الربابة أن ما طرحه الكاتب والشاعر العراقي طلال الحديثي يعتبر حالة هامة على الصعيد الثقافي لأنه جمع كثيراً من الأدبيات الشعبية وتحدث عنها ثم أشار إلى سلبيات وايجابيات كانت موجودة بسبب الخلل الذي وقع به الباحثون لهذا النوع من التراث .

وأشار السعدي إلى أن آلة الربابة التي يصنعها الآن هي آلة موسيقية وترية ويعتقد أنها أم الآلات وصديقة الأدباء وكرام النفوس لذلك عكف على صناعتها واستخدم لذلك أجود أنواع خشب الجوز وجلد الماعز الذي لم يتعرض إلى دباغة.

وفي الواقع لا يمكن أن يكون الأدب الشعبي ذلك الأدب الذي يعكس حضارة الأمة لأن البيئة تختلف من مكان لآخر ومن عادات لأخرى وهذا لم يكن موجوداً في التاريخ القديم إضافة إلى حاجة الأمة إلى لغة واحدة يجتمع تحت لوائها ولا يمكن أن نشكك بسلامة الفصحى أو ندرجها تحت طائلة العامية لأن الأساس الذي تملكه أقوى مما يقال ويشار إليه فهناك دلالات إعرابية ومسائل نحوية تثبت أن الفصحى واحدة وكلما يقال يندرج تحت لوائها ويعتبر ضعيفاً أمام جبروت عظمتها ومكونات حضارتها.

محمد الخضر وسهاد حسن