أساليب القدماء للتخفيف من حرارة الجو في كتاب جديد لنادية الغزي

دمشق-سانا

الطرق التي كان يستخدمها الأقدمون في التخفيف من حرارة الجو وتبريد محيطهم هي فحوى الكتاب الذي أعدته الباحثة نادية الغزي وصدر مؤخراً عن الهيئة العامة السورية للكتاب.

ويتسم الكتاب بتفصيل كبير ولا أدل على ذلك من العنوان الطويل الذي وضعته المؤلفة “الطرق الشرقية القديمة للتخلص من الحر في بلاد الشام وما بين النهرين وشبه الجزيرة العربية والخليج العربي وبعض بلدان آسيا وشمالي أفريقيا” حيث تبين الغزي أن أغلب المنطقة يقع في الإقليم المعتدل المائل للحرارة وفي المناطق شديدة الحرارة ما دفع سكانها القدماء لابتكار عشرات الطرق لتبريد الهواء من حولهم وتحريكه مستفيدين من المحيط الذي عاشوا فيه.

وتسرد الغزي عشرات الطرق لتبريد الجو من استخدام الندى والرذاذ والأعشاب والثمار والمشروبات المبردة والاستعانة بالقصب و الخيزران وباللبن في عمارة المساكن أو كسواتر تخفف من الحرارة وحفظ الثلج عبر وضعه في أوعية خشبية لتنتقل إلى استعراض أهم الينابيع في بلاد الشام وصناعة الثلج “البوظ”.

وتسهب المؤلفة في شرح استخدام الصخور والأحجار والمغاور في التبريد والتي لجأ اليها الانسان القديم اتقاء للعوامل الجوية وأهمها الحرارة مستعرضة أنواع الحجارة العازلة للحرارة كالبازلت والحجر الكلسي والآجر والرخام والحجر البركاني الخفيف.

وفي فصل حمل عنوان المنتجات الحيوانية المبردة تتطرق الغزي لأصناف من مشتقات الألبان استفاد منها سكان المنطقة قديما لتبريد أجوافهم وللاتقاء من حرارة الشمس الحارقة كاللبن والعيران واللبن مع الخيار والجميد والهقت “اللبن المجفف” والقنبريس “اللبن الخالي من الماء” لتنتقل بعدها للحديث عن استخدام الناتج الحيواني في بناء الخيام والبيوت والمظلات والأكواخ والمضارب والفسطاط وتكوين الهندسة في هذه المساكن لتلافي الحر.

وخصصت الغزي فصلاً طويلاً للحديث عن تلافي الحر في المناطق الحارة سواء في نوع الملابس وشكلها واستخدام المراوح الكبيرة والصغيرة والمهاف “ستائر توضع وسط المحلات التجارية” والمظلات والعاكول “حاجز يوضع أمام البوابات الكبيرة أثناء النهار” وأنماط بناء البيوت في الجزيرة العربية واليمن وأفغانستان والباكستان والتبريد في أسواق بلاد فارس والتبريد البدائي في جنوب السودان والصومال مشيرة لأنماط لجأ إليها سكان تلك البلدان للتخفيف من الحر كالنوم على الأسطحة أو الاستيقاظ فجراً.

وتفرد المؤلفة فصلا كاملا للحديث عن وسائل تبريد الجو قديما في شمال وشرق سورية كالمزملة “جرة كبيرة للماء” في دير الزور وستائر الكتان في الجزيرة السورية والباتنشك “فتحة للتهوية في سطح المنزل” والبادنج “فوهة في جدار الغرف” في حلب لتنتقل بعدها للحديث عن البيوت الساحلية لبلاد الشام والتي كانت نوافذ معظمها مقابلة للبحر حتى يتكون تيار هوائي مستمر في المنزل.

وتتحدث الغزي عن طرق تبريد المشروبات والماء في الأرياف والمدن الشرقية حيث كان الأقدمون يستخدمون الفخار لصناعة الأدوات المنزلية حتى تبرد الماء والمشروبات كالحق والجرة والقربة والخابية والشربة.

وتستعرض المؤلفة مبدأ تغطية الأسواق قديما وأسماء المتنزهات الدمشقية التي كان يلجأ اليها السكان للهروب من الحر لتخصص بعدها فصلا كاملا عن أنموذج البيت الدمشقي للتخلص من الحر وما يتضمنه من أقسام بدءا من السور العالي والباحة أو أرض الديار والإيوان والبحرات والفسقيات “بحرات داخل الغرف” والمشربيات إضافة لتبريد الفاكهة عبرها وضعها في الثلج.

يشار إلى أن مؤلفة الكتاب نادية الغزي من مواليد دمشق عام 1935 حاصلة على إجازة في الحقوق من الجامعة السورية “جامعة دمشق” عام 1955 وعلى دبلوم في القانون العام من مؤلفاتها “من بساتين الشام” وموسوعة حضارة الطعام في بلاد الرافدين وبلاد الشام” و أزيجي الرمال يا عشتار وغيرها.

سامر الشغري