لا أحد يستطيع أن لا يتأثر من المشهد الفظيع لقطع رأس الرهينة البريطاني على يد إرهابيي «داعش»، ومن قبلها أيضاً قطع رأسي الصحفيين الأمريكيين لأن قطع الرؤوس بهذه الطريقة تشير إلى التدني الوضيع والفظيع في تفكير هؤلاء التكفيريين الوهابيين.
لكن السؤال الذي يطرح ذاته هو: لماذا لم تتحرك أمريكا وأوروبا عندما بدأ الإرهابيون في سورية بقطع الرؤوس ونزع الأكباد وبقر البطون قبل ثلاث سنوات ونصف السنة وذلك قبل أن تأخذ المجموعات الإرهابية تسمياتها الحالية.. وكانت تمارس تلك الأعمال الإجرامية تحت لافتة الثورة والحرية والحراك السلمي وغيرها من شعارات لا تمت إلى الواقع بأي صلة.
إن الإجرام والإرهاب أمران مرفوضان ومدانان بغض النظر إن كان الضحايا من السوريين أو العراقيين أو الأمريكيين أو البريطانيين، هذا موقف معلن لسورية ولإيران ولروسيا وللصين، حيث حذرت هذه الدول من خطورة الإرهاب الذي تم تصنيعه أمريكياً وسعودياً وقطرياً وتركياً، كما حذرت من التغاضي عن تمدده وعن التغطية الإعلامية والسياسية التي كانت تمارسها وسائل الإعلام المرتبطة بالمشروع الأمريكي- الإسرائيلي لتلك الجرائم مع إصرارها على تسمية من يمارسها بـ«الثوار».
لقد اكتشف العالم واقتنع الرأي العام الأمريكي والأوروبي بأن الإرهاب الذي تشهده سورية والعراق ولبنان ومصر وليبيا واليمن لم يولد بالمصادفة، وإنما كان نتيجة مباشرة للمخطط الذي رسمته أمريكا و«إسرائيل» وتنفذه مجموعة كبيرة من الدول لإضعاف الدول الوطنية ولنشر الفوضى وتفكيك المنطقة بغية تركيبها من جديد بما يتوافق مع المصالح الأمريكية- الإسرائيلية.
إن قطع رأس الرهينة البريطاني عشية الاجتماع الذي تستضيفه باريس اليوم هو لإعطاء مبررات إضافية لرئيس الوزراء البريطاني للمشاركة في التحالف الذي تقوم الإدارة الأمريكية بتركيبه لإطالة عمر «داعش» وغيره من التنظيمات الإرهابية ولتوجيه خطر هذا الإرهاب باتجاه سورية ولخلق ذرائع إضافية لأمريكا بغية تعزيز وجودها العسكري في المنطقة لانتهاك سيادة الدول، ولنهب ما تبقى من خيراتها، وتدمير ما تبقى من بنى تحتية إمعاناً في إفقار الشعوب.
لقد أدركت روسيا والصين وإيران وسورية كما أدرك الرأي العام العالمي النيات الأمريكية المشبوهة وراء تشكيل تحالف وبشكل مخالف لميثاق الأمم المتحدة ولقرار مجلس الأمن رقم 2170 وهذا ما سيؤدي إلى إفشال المشروع الأمريكي، والاستمرار في مكافحة الإرهاب.. إرهاب «داعش» والإرهاب السياسي والعسكري الذي تمارسه أمريكا على حلفائها وعلى الآخرين.
بقلم: محي الدين المحمد